الحلقة السابعة والستون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف : ١٠٠]، قال أهل التفسير: “وعرضنا جهنم للكافرين، وأبرزناها لهم لنريهم سوء عاقبتهم.” !!
إن دعاء المؤمن ربه تعالى أن يعتقه من النار؛ يعني كذلك دعاءه أن يعتقه من تلك المواقف الشنيعة- التي تمر بأهل النار قبل رميهم فيها- التي حكاها لنا القرآن الكريم !!
وذِكر النار وأهلها المخلدون فيها؛ فيه تخويف للمؤمنين ليتقوه سبحانه، قال تعالى: {لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ۚ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ} [الزمر : ١٦]، وتدفعهم إلى مزيد من إحسان العمل حتى يرضى الله تعالى عنهم، ويسلِّمهم منها !!
فدعونا نقف وقفتين، نستعرض بعض هذه المواقف؛ التي سيقفها أصحاب النار قبل ورودهم فيها، لعلّها تحدث في نفوسنا الخوف منها !!
الوقفة الأولى:
الحالة النفسية المهينة التي يكون عليها أصحاب النار قبل رميهم فيها !!
تُعرض جهنم على الكافرين قبل أن يُلقوا فيها، قال تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف : ١٠٠]، ويُقال لهم حينها: {هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [يس : ٦٣]، ليروا المكان المخيف الأليم الذي سيُخلدون فيه إلى أبد الآبدين؛ وقد بلغت نفوسهم من الخوف والضيق والحزن منتهاه؛ لهول مطلع جهنم !!
كذلك يُوبخون أثناء هذا العرض المهين على استحبابهم الدنيا على الآخرة : {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} [الأحقاف : ٢٠] !!
كما يُذكّرون -وهم يرون النار- كيف أنهم كانوا يكذِّبون بالرسل عليهم السلام، قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا ۚ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر : ٧١] !!
ومع هذا العرض لجهنم على الكافرين؛ وما يقال لهم من كلمات التأنيب والتبكيت؛ بات مُستيقنا لديهم أنهم واقعون فيها لا محالة: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف : ٥٣] !!
الوقفة الثانية:
الهيئة الجسدية البغيضة التي يكون عليها أصحاب النار قبل رميهم فيها !!
أمًا الوجوه؛ فهي مسودة، قال تعالى: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ}[الزمر ٦٠] !!
ويُسحبون على هذه الوجوه المسودة إلى جهنم سحبا، قال تعالى: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} [الفرقان : ٣٤] !!
وأمّا الأعين؛ فإنهم ينظرون بها إلى النار من طرف ذليل ضعيف من الخوف والهوان، قال تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} [الشورى : ٤٥] !!
قد صُفِدت أعناقهم بالسلاسل والأغلال، قال تعالى: {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ}[غافر ٧١] .. يُساقون بهذه الأغلال إلى النار سوقا شديدا مُشاة عِطاشا، قال تعالى: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم : ٨٦]، ويُدفَعُون دفعًا بعنف ومَهانة، قال تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} [الطور : ١٣] !!
وأخيرا: فإن من شدة بُغض الله تعالى للكافرين؛ أن جعل النار تُعرض عليهم حتى في قبورهم؛ غدوا وعشيا، ثم يدخلهم فيها يوم القيامة، قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر : ٤٦]، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحَدَكُمْ إذَا مَاتَ عُرِضَ عليه مَقْعَدُهُ بالغَدَاةِ والعَشِيِّ، إنْ كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ فَمِنْ أهْلِ الجَنَّةِ، وإنْ كانَ مِن أهْلِ النَّارِ فَمِنْ أهْلِ النَّارِ، فيُقَالُ: هذا مَقْعَدُكَ حتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ)[متفق عليه]
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!