التأمل المفيد (١٩٣)

الحلقة الحادية والستون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [النحل : ٧٣] !!

لابد للبشرية أن تستحضر المصدر الوحيد الذي جعله الله تعالى لرزقها؛ المأكول منه والمشروب، هذا المصدر هو السماوات والأرض !!
فليس مصدر رزق الناس ملايين المصانع التي تُعنى بالاستفادة من مختلف أنواع الثمار، ومختلف أنواع اللحوم !! ذلك أن دور هذه المصانع لا يزيد على معالجة هذه الأرزاق وحفظها وتقديمها للناس على شكل مصنوعات غذائية متنوعة !!

إن مصدر رزق الناس قد جعله الله تعالى في الماء النازل من السماء، وفي الأرض التي يحييها الله تعالى بالماء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ} [فاطر : ٣]، وقال تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[يونس : ٣١] !!

ومتى ما تذكر الإنسان أن الله تعالى قد جعل مصدر رزقه؛ فيما ينزل من السماء، وفيما ينبت من الأرض، قال تعالى: {وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الجاثية : ٥] !! عندها سيقدِّر ماذا يعني نزول القطر من السماء، وماذا يعني انقطاعه !! كما سيقدِّر ماذا يعني إحياء الله تعالى للأرض الميتة، فيخرج منها الزرع، وماذا يعني موتها فلا تنبت شيئا !! وبهذا التفكر سيزداد تقدير العبد لربه الخلاق العظيم !!

وقد نعى القرآن الكريم على أناس عدم تفكرهم في تصريف الله تعالى للأمطار بين البلدان، قال تعالى: {لِّنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا • وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَىٰ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورً} [الفرقان : ٤٩-٥٠]، قال أهل التفسير: “ولقد أنزلنا المطر على أرض دون أخرى؛ ليذكر الذين أنزلنا عليهم المطر نعمة الله عليهم، فيشكروا له، وليذكر الذين مُنعوا منه، فيسارعوا بالتوبة إلى الله – جل وعلا- ليرحمهم ويسقيهم” !!

أخيرا: سيلاحظ القارئ الكريم أنني اقتصرت في مقالي على رزق الله تعالى من المأكول والمشروب، دون غيره من الأرزاق الكثيرة التي تخرج من باطن الأرض كالذهب والفضة والنفط ، أو تأتي من السماء كالشمس والقمر !!  ذلك أن الطعام والشراب رزق ضروري لكل إنسان، في يومه وليلته، ولذا كان حديث القرآن عنه كثيرا !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!