التأمل المفيد (١٨٨)

الحلقة السادسة والخمسون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ} [هود : ٥٣]، قال أهل التفسير: “قالوا: يا هود ما جئتنا بحجة واضحة على صحة ما تدعونا إليه، وما نحن بتاركي آلهتنا التي نعبدها من أجل قولك، وما نحن بمصدِّقين لك فيما تدَّعيه.” !!

نقف مع هذه الآية الكريمة متأملين ومتدبرين: 

إنها الحجة الواهية التي رفعها قوم هود، والتي يرفعها غير المسلمين في كل عصر؛ إذا ما دُعُوا للإيمان بالله تعالى؛ واتباع نهجه القويم: {قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَة} !!

أي بينة -يريد غير المسلمين في هذا العصر- أكبر من آيات القرآن الكريم التي تكلمت عن بينات لا تعد ولا تحصى، وليس عن بينة واحدة ؟! وصدق الله القائل: {وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۖ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ} [البقرة : ٩٩]، والقائل سبحانه: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية : ٦]، والقائل سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ • إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل : ١٠٤-١٠٥] !!

سأختار في هذا المقال أسلوبا عظيما مؤثرا من بين أساليب القرآن الكريم الكثيرة المؤثرة في الحديث عن البينات التي يخاطب الله تعالى بها المكذبين به سبحانه !! وساستشف هذا الأسلوب القرآني من قوله تعالى: {أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة : ٥٩] !! فأقول -بعد توفيق الله تعالى- عن بعض البينات التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم:

هل رفع المكذبون بالله تعالى سبعا شِدَادًا بلا عمد؟! هل زينوها بالكواكب والنجوم؟! هل أضاءوا الأرض بشمس وقمر؟! هل لهم يد في اختلاف الليل والنهار؛ وتوالي الفصول؟!

هل يعيش المكذبون بالله تعالى على كوكب هم أوجدوه؟! أم يتنفسون هواء هم أنتجوه؟! أم يأكلون نباتا من الأرض هم أخرجوه؟! أم يشربون ماء هم أنزلوه؟!

هل خلق المكذبون بالله تعالى أنفسهم؟! هل خلقوا أزواجهم وأولادهم وأحفادهم؟! هل خلقوا الأنعام والطير والحوت ؟! هل خلقوا النحل وعسله؟! هل خلقوا باقي الطيبات؟!

من جعل للمكذبين بالله تعالى ليلا فيه ينامون، ونهارا فيه ينتشرون؟! من جعل لهم لسانا به يتكلمون، وأعينا بها يبصرون، وآذانا بها يسمعون؟!

هل بيد المكذبين بالله تعالى الفرار من الموت؟! أم هل بيدهم إطالة الحياة؟! قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء : ٣٤] !!

وغير ذلك من البينات التي أشار إليها القرآن الكريم؛ وهي كثير !!

وأخيرا: لا يوجد موضوع حُشِد له من الأدلة والبينات المقروءة والمشهودة مثل الإيمان بالله تعالى !! ولا يوجد موضوع أسهل من أن يقتنع الناس به ويعتقدونه مثل الإيمان بالله تعالى !! وصدق الله القائل سبحانه عن المكذبين: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج : ٤٦]، والقائل سبحانه: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل : ١٤] !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!