الحلقة الثالثة والخمسون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف ١٥٨] !!
البشر يفرقون بين رسول جاء من قِبَل أحد عامة الناس؛ وبين رسول جاء من قِبَل رجل من عِلية القوم !!
ولله المثل الأعلى .. فكيف برسول الله صلى الله عليه وسلم المُرسل ممّن له ملك السماوات والأرض، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ} ؟؟!!
لذلك فإن من أعظم طرق تعظيم الرسل عليهم السلام -وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم- ازدياد معرفة المؤمن بمُرسِل الرسل -الله العلي العظيم- لتعلو بذلك مكانة الرسل في نفوس المؤمنين !!
دعونا نقف وقفتين مع كتاب الله تعالى لنرى تعظيم الله تعالى لذاته العلية؛ التي أعقبت الحديث عن إرسال الرسل عليهم السلام:
الوقفة الأولى:
أعظم أمر عظّم الله تعالى به نفسه هو وحدانيته سبحانه؛ وألّا إله غيره .. وقد ورد في القرآن الكريم ذكر وحدانية الله تعالى عند ذكر الرسل عليهم السلام، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء : ٢٥]، فيالله ما أرفع مكانة من اختاره الإله الواحد الأحد ليكون رسولا للناس !!
كما بين لنا القرآن الكريم -في آيات متتاليات من سورة الدخان- أن الرسل عليهم السلام مرسلون من الرحمن، السميع العليم، رب السماوات والأرض، الذي يحيي ويميت، رب البشر أجمعين، قال تعالى: {أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا ۚ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ • رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ • رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ • لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الدخان : ٥-٨]
الوقفة الثانية:
بين لنا القرآن الكريم أنه حتى مكذبي الرسل يقولون: بأن مكانة الرسل عليهم السلام ستعلو في نفوسهم، وسيصدقونهم إذا ما جاء رسولهم بآية إعجازية من المُرسِل سبحانه -وصدقوا في ذلك، وإن كانوا كاذبين لنكوصهم عن قولهم عند مجيئ الآيات-، حكى لنا القرآن الكريم قول المكذبين: {مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء : ١٥٤] !!
ولذلك نجد القرآن الكريم يحدثنا عن الآيات التي أعطاها الله تعالى لرسله عليهم السلام -حتى يعلم الناس عظمة الخالق سبحانه؛ ولتزداد بذلك مكانة الرسل عليهم السلام في نفوس العباد- قال تعالى عن موسى عليه السلام: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} [المؤمنون : ٤٥]، وكذلك تحدث القرآن الكريم عن معجزات عيسى وصالح وغيرهم من الرسل عليهم السلام !!
وكذلك خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام -سيد الأولين والآخرين- أعطاه الله تعالى من دلائل النبوة؛ من المعجزات الشيء الكثير .. غير أن أعظم معجزاته صلى الله عليه وسلم هو القرآن الكريم، قال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنَ الأنبياء مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْياً أَوْحَى الله إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[متفق عليه]، لتعلو بذلك مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس الناس !!
وقد حصل أن ارتفعت مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس الناس؛ حتى من غير المسلمين في هذا العصر، فهذا مايكل هارت يجعل الرسول صلى الله عليه وسلم على رأس الخالدين المائه في كتابه: “الخالدون المائة”، وما ذاك إلا للمكانة العالية التي حظي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في النفوس بفضل القرآن الكريم؛ المعجزة الخالدة !!
وأخيرا: الرسل عليهم السلام مرسلون من الله تعالى ذي الأسماء الحسنى، قال صلى الله عليه وسلم: (للهِ تبارَك وتعالى تِسعةٌ وتسعونَ اسمًا مَن أحصاها دخَل الجنَّةَ)[متفق عليه] .. فبقدر ما يزداد المؤمنون معرفة لهذه الأسماء الحسنى لله تعالى -مُرسِل الرسل سبحانه، الذي اختارهم واصطفاهم عليهم السلام بعلم وحكمة وهو السميع البصير، قال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}[الحج : ٧٥]- بقدر ما يزداد المؤمن معرفة لهذه الأسماء الحسنى التسعة والتسعين؛ بقدر ما ترتفع مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلبه !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!