الحلقة السابعة والأربعون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ ۚ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}[الأنعام ٦٧]، قال أهل التفسير: “لكل خبر قرار يستقر عنده، ونهاية ينتهي إليها، فيتبيَّن الحق من الباطل، وسوف تعلمون -أيها الكفار- عاقبة أمركم عند حلول عذاب الله بكم.” !!
يقول الناس لبعضهم البعض في حديثهم الدارج -سواء كان الحديث فيه بشارة أو نِذارة- يقولون لمن ينصحون: غدا ترى نهاية الطريق الذي سلكته !!
وأيا كان موضوع الطريق الذي يسلكه الناس -إن كان عملا وظيفيا أو تجارة أو رياضة أو غيرها- فإن النهاية التي يحذر منها البعض أو يبشر بها؛ تظل في دائرة تخمين البشر، وليس على وجه الجزم واليقين !!
أمّا حين يقول تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرّ}؛ فإنه سبحانه يبين للعالمين؛ يقينا جازما أن الطريق والنهج الذي يرشد الله إليه ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو يحذران منه؛ له نهاية وقرار يستقر إليه؛ إن خيرا فخير، وإن شرًا فشر !!
وهذا الجزم واليقين من الله تعالى يجري على كل طريق يسلكه الإنسان؛ وكيف تكون نهايته، وليس على مسلك واحد فقط !!*
وأهم طريقين يجب على المسلم أن يعلم نهايتهما؛ هما الطريقان؛ الموصل أحدهما إلى جنات النعيم .. والآخر الذي ينتهي بصاحبه إلى جهنم وبئس المصير !!
قال تعالى عن الطريق الذي سيكون مستقره ونهايته إلى جنات النعيم: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء : ١٣] !!
وقال تعالى عن الطريق الذي سيكون مستقره ونهايته إلى الجحيم: {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [النساء : ١٤]، قال أهل التفسير: “ومَن يَعْصِ الله ورسوله، بإنكاره لأحكام الله، وتجاوزه ما شرعه الله لعباده بتغييرها، أو تعطيل العمل بها، يدخله نارًا ماكثًا فيها، وله عذاب يخزيه ويهينه.” !!
وأخيرا: على المسلم حين يتدبر كتاب ربه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ أن يصطحب معه المعنى العظيم الذي مر معنا لقوله تعالى: {لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرّ}؛ ليتعرف -بالنصوص الشرعية- إلى سبل الخير وما تنتهي إليه، وكذلك سبل الشر وما تنتهي إليه !!
ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
من كان سبيله الصدق مع ربه ومع نفسه ومع الناس؛ فحتما سينتهي به الحال إلى البِر في هذه الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الصِّدقَ يَهدي إلى البِرِّ)[متفق عليه] !!
ومن كان سبيله الكذب؛ فحتما سينتهي به الحال إلى الفجور في هذه الدنيا، قال صلى الله عليه وسلم: (وإنَّ الكذبَ يَهدي إلى الفجورِ)[متفق عليه] !!
وكذلك من كان سبيله الرفق؛ فإنه حتما سيُزين له هذا الرفق أموره كلها، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ في شيءٍ إلَّا زانَهُ)[رواه مسلم (٢٥٩٤)] !!
ومن كان سبيله الشدة والغلظة؛ وليس الرفق؛ فإن شدته وغلظته حتما ستعيب عليه أموره كلها، قال صلى الله عليه وسلم عن الرفق: (ولا يُنْزَعُ مِن شيءٍ إلَّا شانَهُ)[رواه مسلم (٢٥٩٤)] !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!