الحلقة الرابعة والأربعون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة : ٣٨] !!
نعلم جميعا -من خلال إحصائيات منشورة- أن الجريمة لدى الغرب -في ظل الحرية المزعومة الفارة من عبودية الله تعالى- تسجل أرقاما قياسية على الدوام !! لكن أن يضاف على الحريق ما يزيده اشتعالا -كما يقال- فهذا أمر مستهجن وجد غريب !!
لم يكتف بعض المشرعين من غير المسلمين في ولاية كاليفورنيا الأمريكية؛ بالتمرد على خالقهم العليم الحكيم؛ وتنكب منهجه القويم؛ الذي جاء فيه حد السرقة -كما بينت الآية الكريمة التي هي موضع التأمل في هذا المقال- بل زادوا ليشرعوا لأنفسهم ما يزيد من وتيرة جرائم السرقة في مجتمعاتهم التائهة !!
وهو أن صوّت سكان كاليفورنيا في عام ٢٠١٤ على الاقتراح رقم (٤٧)(proposition 47 and theft crimes)، والذي صار قانونا؛ ينص على عدم تجريم سرقة ما قيمته دون تسعمائة وخمسين دولارا !!
فما الذي يحصل في كاليفورنيا هذه الأيام جراء هذا القانون الغريب العجيب ؟
الجواب: جرأ القانون رقم (٤٧) المجرمين على السرقة، وتصاعدت وتيرة نشل ونهب المحلات التجارية في مدينة لوس انجلوس؛ وغيرها من مدن كاليفورنيا؛ فيما أسموه إعلاميا: Grab and go crime ، جريمة: “خذ وامشي”، وكذلك يسموها (shoplifting) سرقة المتاجر !!
والعجيب أن يكون توقيت هذا النهب والسلب قرب مواسم أعياد النصارى؛ كعيد الشكر وعيد الكرسمس؛ الذي يُفترض أن يكون توقيتا مذكرا بالمحبة – التي يدّعونها في دينهم المحرف- وليس النهب والسرقة والتخريب !! لكن يظهر أن المحلات التجارية التي تكتظ بالجديد من أنواع البضائع المختلفة في مواسم الأعياد؛ كانت جاذبة وفاتحة شهية المجرمين للنهب والسلب !!
وكالعادة في الساحة الإعلامية الأمريكية؛ سرعان ما يحصل الجدل بعد أي حدث كبير -كحوادث النهب والسلب التي وقعت، ذلك أنها من نتاج قوانينهم الوضعية البشرية؛ التي سرعان ما يظهر نقصها وعوارها- فقد حصل جدل حول القانون (٤٧)، بين مؤيد له ورافض، حتى إن بعضهم أيده بدعوى أن الذين يسرقون بحاجة إلى الأكل والشرب -كالمشردين في الشوارع (homeless)- وأمّا المحلات التجارية فتغطي خسائرها شركات التأمين .. واعجبا !!
مع أن المقاطع التي ظهر فيها السُرّاق تدل على أنهم شباب قادرون على العمل والتكسب، خاصة وأن ولاية كالفورنيا لا تشكو البطالة، ولديها فائض من الوظائف؛ كما يقولون !!*
*وأولى بالمشردين أن تُعمل لهم برامج تساعدهم على تحسين حالتهم المعيشية؛ وتنمية مهاراتهم للعمل، بدلا من سن قانون أتى لهم بالويلات !!*
*وأعجبني قول أحدهم ممن يرفض القانون (٤٧): ليس الحل للفقر أن تمكِّن الفقراء من الجريمة !!
وأخيرا: إن ما يحصل في كاليفورنيا من نهب وسرقة هذه الأيام؛ إنما هو لون من ألوان الضلال الذي يعيشه كل من تمرد على الخالق العظيم ومنهجه القويم؛ الذي أراد للبشرية أن تسعد بتحقيق العبودية له سبحانه، ويأبى بعض البشر إلا أن يعبدوا الشيطان، قال تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ • وَأَنِ اعْبُدُونِي ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [يس : ٦٠-٦١] !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!