التأمل المفيد (١٦٥)

الحلقة الثالثة والثلاثون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض} [البقرة : ١٠٧] !! كثيرة هي الآيات القرآنية التي بين لنا ربنا سبحانه فيها أن له مُلك السماوات والأرض ! وكثرتها دلالة على عظيم معناها !! فدعونا نتأمل جانبا من جوانب هذا المعنى العظيم؛ أن لله تعالى مُلك السماوات والأرض !!

وقبل التأمل في قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْض}، علينا أن نقرر قاعدة مهمة:
إن ممّا يعين على استشعار آيات التعظيم لله تعالى؛ تذكر ما قاله ربنا تعالى عن فقر وضعف الآلهة التي تُعبد من دون الله تعالى، وكذلك فقر وضعف البشر أنفسهم !! فأمّا عن فقر وضعف الآلهة التي تُعبد من دون الله؛ فقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ} [فاطر : ٤٠]، وغيرها من آيات القرآن الكريم !! وأمّا عن فقر وضعف البشر؛ فقال تعالى: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ} [محمد : ٣٨]، وغيرها من آيات القرآن الكريم !! كل هذه الآيات القرآنية تبين: أن استحضار ضعف الآلهة التي تُعبد من دون الله تعالى، واستحضار ضعف البشر؛ مقصد قرآني عند التأمل في ما ورد من آيات التعظيم لله العلي العظيم !!
وبالمثال تتضح قاعدة المقارنة الآنفة الذكر:

لو أن أحدنا زار حديقة قصر من القصور، ووجد فيها مائة نخلة !! لا شك أنه سيندهش لكثرة أشجار النخيل في حديقة قصر واحد !! ثم بعد ذلك قيل لهذا المندهش إن هناك مزرعة وقفية للشيخ صالح الراجحي -رحمه الله تعالى- في القصيم، تضم مائتي ألف نخلة؛ وهي أكبر مزرعة نخيل في العالم !! لا شك أن الاندهاش سيكون أعظم، حيث أبرزت هذه المقارنة ضخامة مزرعة المائتي ألف نخلة؛ مقارنة بحديقة المائة نخلة !!

 لله المثل الأعلى !! دعونا الآن نستخدم مساحة مزرعة الشيخ الراجحي التي تقع شرق بريدة، ونقارنها أولا: بملك الله تعالى للأرض !! لا شك أنه لا مقارنة البتة بين مساحة مزرعة لم تغط سوى جزءا يسيرا من أرض القصيم، وبين مساحة الأرض كلها؛ ظاهرها وباطنها، قال تعالى: {قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ • سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [المؤمنون : ٨٤-٨٥] !!

فكيف لو قارنا تلك المزرعة بملك الله تعالى لمجرة درب التبانة؛ المجرة التي تنتمي إليها مجموعتنا الشمسية، وتشتمل على مئات البلايين من النجوم ؟؟!! فكيف لو قارناها بمُلك الله تعالى لحوالي (٢٠٠) مليار مجرة في الكون المرئي ؟؟!! قال تعالى: {قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ • سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} [المؤمنون : ٨٦-٨٧] !!

هذه الأرقام الفلكية للمجرات وتوابعها من نجوم وغيرها؛ هو ما يتناقله علماء الفلك، وفقا لما فتح الله تعالى عليهم من علم في هذا المجال !! ولا يعلم حقيقة هذه الأرقام إلا خالق هذا الكون سبحانه !! فكيف والكون في توسع مستمر كما قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات : ٤٧] ؟؟!!
 
أخيرا: لابد أن يُبرِز دعاة الإسلام مُلك الله تعالى للسماوات والأرض؛ عند حديثهم عن الله العلي العظيم، كما فعل سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم في دعوته، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف : ١٥٨] !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!