الحلقة الثلاثون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [التغابن : ١٨] !!
حتى يتواضع العالم كله لله تعالى ذي العلم الواسع، الذي قد أحاط بكل شيء علما !!
إذا كانت البشرية قد أطلقت على هذا العصر بأنه عصر العلم، أو عصر الثورة العلمية .. فحري بالبشرية عموما، وبأهل الإسلام على وجه الخصوص أن يقفوا وقفة تأمل، تنتهي بالتواضع والتعظيم لمن يعلم ما في السماوات وما في الأرض، سبحانه، ويستسلموا لشرعه !!
أهل هذا العصر -من غير المسلمين، الذين فرحوا بما عندهم من العلم، حتى صار هذا العلم إلها يُعبد من دون الله تعالى، شرع لهم ما لم يأذن به الله: نظريات علمية في الاقتصاد، وأخرى علمية في الحياة الاجتماعية، أباحت لهم حتى الشذوذ، حينما حكموا بعلمهم القاصر، أن بعض البشر يولد شاذا، فصَدُّوا أنفسهم وغيرهم -بسبب علمهم- عن الدخول في دين الله، قال تعالى : {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر : ٨٣]- أهل هذا العصر -من غير المسلمين، لا يعلمون حتى ولا ذرة من علم الله تعالى .. وكل ما وصلوا إليه هو علم يسير من علم الله عن هذه الدنيا, هداهم الله إليه، بعد أن خلقهم، ثم مكّنهم من العيش على هذه الأرض, والسعي في مناكبها, فصارت لهم تجارب وخبرات ذات علوم, قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : ٨٥], كما سهّل سبحانه لهم تداول هذا العلم اليسير بأن هداهم لاختراع الحاسوب، لجمع وتخزين هذا العلم على الأجهزة, ومن ثم تحليله والاستفادة منه بنشره, بفضل من الله وتوفيقه !!
هذا العلم اليسير القاصر، الذي مكن الله تعالى البشر منه ! .. لا يجوز أبدا أن يرسم للبشرية منهجا لحياتها على هذه الأرض !!
أمّا الذي يستحق أن يشرع منهجا للناس في هذه الدنيا، فهو العليم بما في السماوات والأرض -قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن : ٤]- مع ضخامتهما وكثرة ما فيهما من مخلوقات، من ذلك علمه حتى بما يختلج في صدورنا، فنحن خلق صغير، يسكن في أرض صغيرة في هذا الكون، الذي يعلم الله تعالى كل ما فيه .. قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر : ٥٧] !!
أخيرا: المتأمل في كلام الله تعالى عن علمه الواسع المحيط بكل شيء، يمتلئ قلبه تعظيما له سبحانه, وتنقاد نفسه مستسلمة له, لكمال قدرته، قال تعالى: {وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا} [الأنعام : ٥٩], فهل تستطيع البشرية جمعاء، أن تحصي أوراق الشجر المتساقط في حديقة صغيرة ؟! فكيف بأوراق أشجار الأرض كلها ؟! كما يعلم سبحانه ما تحمل كل أنثى من المخلوقات, بشراً وغيرهم، وما تغيض الأرحام وما تزداد .. وهو سبحانه: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} [الرعد : ٩] !!
فأين علم البشر اليسير -الذي يتراكم بالتجارب عند الناس مع السنين- من العلم الإلهي الشامل الواسع المحيط بكل شيء ؟!
وكثيرة هي الآيات في كتاب الله تعالى، الدالة على عظيم علمه سبحانه، تحتاج إلى الوقوف عندها، والتأمل فيها، والاستسلام لمنزلها سبحانه !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!