التأمل المفيد (١٥٦)

الحلقة الرابعة والعشرون من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر : ١٠] !!

سؤال: ما أعظم ما مقت الله تعالى به الكافرين ؟
فإن الله تعالى كما بين لنا في كتابه الكريم، المقت والتوبيخ الذي يصِم الكفار به أنفسهم يوم القيامة، حين يَرَوْن الحق الذي كانوا يوعدون:

ياليتني  – كنت ترابا !
ياليتني  – قدمت لحياتي !
ياليتني  – لم أوتَ كتابيه !
ياليتني  – لم أتخذ فلاناً خليلآ !
ياليتنا  – أطعنا الله وأطعنا الرسول !
ياليتني  – اتخذت مع الرسول سبيلا !

كذلك بين لنا سبحانه مقته العظيم للكافرين، في خمس كلمات، هي قوله تعالى : {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} .. جاءت هذه الكلمات في نهاية الآية العظيمة من سورة غافر، الآية التي ذكر الله تعالى فيها مقته الكبير للكافرين، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} [غافر : ١٠] !!
فما معنى هذا المقت، وما معنى قوله تعالى: {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} ؟!

قد يظن ظان أن دعوة الكفار إلى الإيمان مقتصرة على دعوتهم بالكلام، كقول المسلم لغير المسلم: قل لا إله إلا الله !!

لكن الحقيقة أن دعوة الكافر إلى الإيمان بالله العظيم شملت ذلك، وتشمل أيضا مليارات الآيات العظيمة في السماوات والأرض، التي يمرون عليها مرورا عابرا وغبيا,قال تعالى: {وَكَأَيِّن مِّنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} [يوسف : ١٠٥] !!

وإليك أخي المسلم شرحا لهذا الغباء في النظر لآيات الله المبثوثة في السماوات والأرض، لتعرف استحقاقهم لمقت الله الكبير لهم، ثم خلودهم في نار جهنم وبئس القرار  !!

يمر الكافر في الدنيا على آية من آيات الله العظيمة، مثل خلق الله تعالى للنبات، فلا يدعوه ذلك للانبهار بعظمة الله ومن ثم الإيمان به .. وإنما ينظر إلى ما صنعت يداه من آلات وعربات تعينه على بذر وسقي وحصد هذا الزرع، فينبهر بها ! .. ألا ما أغباه من مرور على مثل هذه الآية العظيمة ؟! فاستحق بذلك مقت الله له .. {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} !!

وقل مثل ذلك في الماء .. كيف كان الكافر في الدنيا يُعجب ويتفاخر بانبهار ، أن عمِل على نقل المياه وتخزينها واستخدامها في كثير من حاجات الحياة، ولا ينبهر بخالق هذا الماء ومنزله والذي جعل منه كل شيء حي .. ألا ما أغباه من مرور على آية خلق الله للماء  ؟! فاستحق بذلك مقت الله له ..  {إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} !!

وقل مثل ذلك عن كل آية من الآيات التي لا تعد ولا تحصى .. كيف يمر عليها الكافر بغباء وتناقض، بين إعجابه وانبهاره بما صنع هو، وغفلته عن صنع أحسن الخالقين ؟! .. كيف يتجاهل الآيات العظيمة وخالقها العظيم ، مع أن فضوله يدفعه دائما إلى السؤال عن كل إبداع جميل صنعه الإنسان فيقول مثلا: من هو العبقري صانع هذا الجهاز ؟! ومن هو المبدع مصمم ذلك الصرح الشامخ ؟! إلى غير ذلك من الأسئلة الإعجابيه حول ما صنعه الإنسان .. وأمّا ما صنع الله تعالى القائل : {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ} [النمل : ٨٨] .. فهم عنه غافلون ومعرضون !

 أخيرا: إن السبب وراء ذلك الغباء وطمس البصيرة هو الكفر  .. فيزداد الكافر -حتى مع زيادة معلوماته عن كل ما حوله وتطويرها وتسخيرها لحياته- كفرا، قال تعالى: {فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا} [فاطر : ٣٩] !!
على عكس المؤمن تماما، الذي يزداد -بازدياد معلوماته عن كل ما حوله وتطويرها وتسخيرها لحياته- إيمانا، قال تعالى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الجاثية : ٣] !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!