الحلقة الثامنة من سلسلة “معا؛ لنرتقي في تقديرنا لله تعالى حق قدره في هذه الحياة الدنيا؛ بالتأمل في بعض الآيات القرآنية الكريمة !!
قال الله تعالى: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام : ١٢٢] !!
خمسة مليار من غير المسلمين في حكم الموتى !!
لنسأل سؤالا : لو افترضنا أن وباءً معديا أصاب البشرية اليوم ومات على أثره (١٠٠) مائة مليون شخص في دول كثيرة .. لكان وضع الناس في الأرض في هلع لا يوصف وخوف وطوارئ لا مثيل لها واستنفار كالاستنفار للحروب !!
وفي المقابل كم يا ترى لدينا من موتى في هذه الأرض هذه اللحظة بسبب الكفر بالقرآن من اليهود والنصارى والبوذيين وغيرهم من ملل الكفر ؟ مليارات من موتى القلوب .. وليس مائة مليون !!
والدليل على أن هذه المليارات موتى دعونا نتأمل في آيتين كريمتين:
قال تعالى: ({أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}, تبين الآية الكريمة أن الرجل من المشركين في مكة يعتبر ميتا قبل إسلامه .. ثم أحياه الله تعالى بالقرآن !!
وقال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ} [الشورى : ٥٢]، قال أهل التفسير: أ”ي القرآن تحيا به القلوب” !!من الآيتين الكريمتين نعرف أن كل كافر ميت القلب .. وبما أن عدد الكفار اليوم من نصارى ويهود وبوذيين وغيرهم من ملل الكفر خمس مليارات .. إذن لدينا خمس مليار ميت .. وأنه لا يحييهم من هذا الموت إلا الإيمان بالله وبقرآنه .. وهم بشر مثلنا لا يتحملون نار جهنم !!
فكيف يذهل المسلمون ويصيبهم الخوف والهلع من وباء قد يقتل مائة مليون .. في الوقت الذي لا يحس الكثير منهم أصلا أن هناك خمسة مليار كافر قد ماتت قلوبهم لكفرهم بالقرآن .. وأنهم لن يحييوا من موتهم إلا بالإيمان به .. وأنهم لو ماتوا على حالهم لدخلوا النار .. أين الرحمة المطلوبة في قلب المسلم لإنقاذهم من النار .. قال تعالى : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : ١٠٧] !!
ليس ذلك فقط .. بل إن فقد القرآن أخطر من فقد الماء والهواء والغذاء !!
الماء ضروري جدا لحياة الإنسان .. وقد يموت الإنسان عطشا لو فقد الماء في الصحراء مثلا .. لكنه إن كان مسلما فإنه لو مات عطشانا فإنه يموت إلى خير !!
الغذاء ضروري جدا لحياة الإنسان .. وقد يموت الإنسان جوعا لو جاع لفترة طويلة .. لكنه إن كان مسلما فإنه لو مات جوعا فإنه يموت إلى خير !!
الهواء ضروري جدا لحياة الإنسان .. وقد يموت الإنسان اختناقا لو فقد الهواء .. لكنه إن كان مسلما فإنه لو مات مختتقا فإنه يموت إلى خير !!
أمّا الأمر الرابع القرآن ففقده الأخطر على الإطلاق على كل إنسان .. لأن من فقد القرآن ومات على تلك الحالة فإنه لا يموت إلى خير كما يموت المسلم العطشان أو الجوعان أو المختنق .. بل والعياذ بالله يموت إلى النار !!
والسؤال الذي يطرح نفسه: من يخرج هذه المليارات الميتة قلوبها من الكفار من الظلمات إلى النور .. إنها لا شك الدعوة إلى الله تعالى !!
نلاحظ طبعا أننا لا نقصد المسلمين، فيما سبق بيانه بموت القلوب .. الكلام كان عن الكفار فقط .. لأن المسلمين يؤمنون بالقرآن ولذا فهم أحياء لإيمانهم .. لكن لابد ان يعلموا أنه لو قصر بعضهم في العمل بالقرآن .. أو اتخذوه مهجورا .. فقد تبدأ قلوبهم بالمرض .. وإذا استفحل المرض فقد تموت .. فلو تَرَكُوا الصلاة مثلا .. أو لو تجرأوا واتهموا الإسلام بالتخلف كما يقول الكفار والمنافقون في كل عصر فهؤلاء تموت قلوبهم إن لم يتوبوا إلى الله تعالى !!
ولا شك أننا نحتاج أن نكثف الدعوة بين المسلمين أولا .. لأنهم رأس المال الذي يجب المحافظة عليه .. وسوف يؤثر المسلمون في غيرهم إذا عرفوا واجب الدعوة عليهم !!
أخيرا: إن القناعة بضرورة الدعوة لا تأتي بالتدرج مع الزمن .. الدعوة تولد قناعتها في النفس بمجرد كونها أسلمت لله رب العالمين، كما حصل للنفر من الجن، قال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا ۖ فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَىٰ قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ} [الأحقاف : ٢٩]، لكن الذي يأتي بالتدرج في موضوع الدعوة هو الارتقاء بها والإبداع في وسائلها !!
ولذلك كان الصحابة رضوان الله عليهم منذ اللحظة التي يسلم فيها أحدهم تجده ينطلق داعيا إلى الله ليعرف غيره إلى نور الإسلام .. لأن الاسلام إيمان بمبادئ عظيمة تحتاجها البشرية .. ومن عظمتها أن المسلم لا يتأخر لحظة إيمانه بها أن يجتهد في إيصالها بالقول والعمل للعالمين !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!