الحلقة الرابعة عشرة من سلسلة “بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم”، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٤] !!
قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد) !!صححه الألباني [السلسلة الصحيحة (544)] !!
لن أتحدث عن هذا الحديث الشريف من جهة تواضع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا موضوع يعرفه القاصي والداني من المسلمين !! وإنما سأتناوله من زاوية بشريته صلى الله عليه وسلم؛ التي هي موضوع هذه الحلقات؛ التي قال الله تعالى عنها: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٣] !!
كل شريعة أنزلها الله تعالى على رسول من رسله عليهم السلام -ومنها شريعة الإسلام- جعلت من الرسل عليهم السلام وأتباعهم يظهرون أمام أنفسهم وأمام غيرهم من غير المؤمنين؛ سواسية، لا يتفاضلون إلا بالتقوى طاعة الله فيما أمر، واجتناب ما عنه نهى وزجر !!
لم تنزل الرسالات ليختص ويتميز من زاد عن غيره في علم الدين بلباس معين أو مشية معينة أو مأكل ومشرب معين !! أو يخرج عن ما فطر الله تعالى عليه الناس من الرغبة في النكاح؛ فلا يتزوج !! أو بالسجود له !! كل ما ذكرت نراه في ممارسات مشهورة في الشرائع المحرفة الباطلة من يهودية ونصرانية وغيرها !!
هذا التميز وهذه الخصوصية التي تباين بها علماء الدين عن باقي الناس في تلك الشرائع المحرفة في الملة الواحدة؛ لهي أكبر وأخطر إسفين يُدق في نعش الشرائع، ليحيلها إلى طقوس؛ لا تجذب كثيرا من أتباعها إلى ممارستها؛ مع إقرارهم بها؛ جهلا منهم بحقيقة الدين الصحيح الذي بدله الأحبار والرهبان ليصدوا عن سبيل الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّه} [التوبة : ٣٤] !!
في منهج الله تعالى تتجلى بشرية الإنسان في أجمل وأفضل وأرقى صورها !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!