التأمل المفيد (١٢٧)

الحلقة الثالثة عشرة من سلسلة “بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم”، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٤] !!

أصبح الصبر عند بعض الدعاة عملة نادرة !! ولو كان بيدهم قدرة إعجازية على تدمير نصف الكرة الأرضية؛ لفعلوا وما ترددوا؛ لنفاد صبرهم على الفساد الذي وصل إليه غير المسلمين؛ من إباحية يعرضونها، وإلحاد ينشرونه !! ونسي هذا البعض من الدعاة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خُير بين أن يطبق ملك الجبال الأخشبين على قريش أو أن يصبر ؟! فاختار صلى الله عليه وسلم الصبر !![متفق عليه] .. وللصبر معالم مهمة، منها:

أولا: أن الصبر على مشاق الدعوة لا يأتي إلا من عند الله تعالى !! فتزداد وتقوى بسبب هذا الخُلُق؛ العلاقة العظيمة بين الخالق سبحانه والمخلوق من البشر !! قال تعالى: {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا} [البقرة : ٢٥٠]، وقال تعالى: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر : ٧] !! ولذلك لن يطول صبر من لم يكن صبره لله تعالى وفي الله تعالى !!

ثانيا: إذا كان أهل الباطل ممن يعبدون الأصنام عرفوا أهمية الصبر لبلوغ مرادهم -كما حكى القرآن الكريم عن قريش قولهم: {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا} [الفرقان : ٤٢] !!- أو ليس الأجدر بالدعاة إلى الله تعالى أن يتحلوا بالصبر الجميل ؟! قال تعالى: {فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا} [المعارج : ٥] !!

ثالثا: يكفي ضمانا من الله تعالى أن العاقبة للصابرين المتقين في الدنيا؛ كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا} [السجدة : ٢٤]، وفي الآخرة؛ قال تعالى: {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} [الانسان : ١٢] !!

في منهج الله تعالى تتجلى بشرية الإنسان في أجمل وأفضل وأرقى صورها !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!