الحلقة السادسة من سلسلة “بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم”، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٤] !!
من أعظم وأكبر دوافع الحب العظيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قِبل المسلمين -بعد كونه صلى الله عليه وسلم مرسلا من رب العالمين- أن جعله الله تعالى القدوة الكاملة في الأمر الذي يقدر عليه البشر، وهو حسن الخُلُق، حيث مدحه الله تعالى فقال جل من قائل: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم : ٤] !!
لم يمدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأمور لا يملكها صلى الله عليه وسلم؛ كعلم الغيب، أو امتلاك خزائن الله، كما مر معنا في الحلقة الماضية !!
كذلك لم يجعل صلى الله عليه وسلم من دلائل نبوته -خاصة المعجزات التي يجريها الله تعالى على يديه- مادة يتنافس على تحقيقها أتباعه !! ذلك أن المعجزات خارجة عن قدرة البشر، حيث لا يمكنهم محاكاته فيها !!
مع أن أهل البدع عمدوا إلى السحر والشعوذة، لإيهام أتباعهم أن الله يجري على أيديهم معجزات – كالوقوف على النار- وأن ذلك من أثر حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم !!
إنما عني صلى الله عليه وسلم بإبراز موضوع حُسن الخلق، والرفع من قدره ودرجته؛ إمكانية أن يحاكي المؤمنون رسولهم صلى الله عليه وسلم فيه، حتى قال فيه صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ شَيْءٍ يُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيَبْلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِبِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ )[صحيح الجامع (5726)] !!
وسيرته كلها صلى الله عليه وسلم -سواء قبل البعثة؛ كما وصفته أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها .. أو بعد البعثة؛ حتى توفاه الله تعالى- إنما هي تفسير عملي لقول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} !!
في منهج الله تعالى تتجلى بشرية الإنسان في أجمل وأفضل وأرقى صورها !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!