التأمل المفيد (١١٧)

الحلقة الثالثة من سلسلة “بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم”، قال تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَىٰ إِلَّا أَن قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٤] !!

تؤكد النصوص الشرعية على أن الخير كل الخير للناس في أن يكون الرسل عليهم الصلاة والسلام بشرا مثلهم، يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ويعيشون حياتهم اليومية بشرا وفق منهج العليم الحكيم !! ويصر أهل الخطأ والزلل والغلو إلا أن يرتفعوا بالرسل عليهم السلام عن صفة البشرية، حتى قال قائلهم: في قصيدته الشهيرة :
فإن مِن جودك الدنيا وضَرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم .. مع أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس : {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَّسُولًا} [الإسراء : ٩٣] !!

أطرت النصارى عيسى ابن مريم عليه السلام فأضاعوا شريعة الإنجيل التي جاء بها من عند خالق السماوات والأرض؛ ليجتهدوا في اتباع سنته عليه السلام، ويعيشوا بشرا وفق منهج العليم الحكيم !! أضاعوها، ولم يبق لهم من سنة عيسى عليه السلام شيء !! بل استبدلوا كل ذلك الخير في شريعة الإنجيل؛ بالاحتفال بمولده، بعد أن بلغ بهم الغلو فيه حتى جعلوه إلها من بين آلهتهم الثلاثة !!

ومن هنا جاء تحذيره صلى الله عليه وسلم: (لا تُطروني كما أطرت النَّصارى ابن مريم) [رواه البخاري (3445)] !!

ما أعظم وأجمل الحياة البشرية التي جاء الرسل عليهم الصلاة والسلام ليعلموها للناس، من ذلك عدم القيام للشخص تعظيما له، قال صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يتمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار)صححه الألباني [السلسلة الصحيحة (357)] !! ويريد أهل الخطأ والزلل والغلو أن يخالفوا نهيه صلى الله عليه وسلم هذا؛ فيهبون قياما له صلى الله عليه وسلم؛ حين يزعمون حضوره صلى الله عليه وسلم خلال بدعتهم السنوية؛ التي لم يفعلها أصحاب القرون المفضلة !! فزادوا على عصيانه؛ أن أحدثوا في الدين سنة الجاهلية !! وهذا من أبغض ما يبغضه الله تعالى: قال صلى الله عليه وسلم: أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ( .. ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية .. )[رواه البخاري (6882)] !!

لقد جعل الله تعالى اتباع سنة المصطفى الصحيحة الثابتة -وليست المبتدعة- المحور والمجال الذي على أهل الإسلام أن ينفقوا العمر فيه؛ علما وتعليما واتباعا، كما جعلها سبحانه الطريق إلى محبته ونيل رضاه، حتى يعيش المسلمون بشرا وفق منهج الله تعالى، قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران : ٣١] !!

في منهج الله تعالى تتجلى بشرية الإنسان في أجمل وأفضل وأرقى صورها !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!