الحلقة الخامسة والعشرون من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!
يعلم المسلم -من كتاب ربه تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم- أن في الجنة ألوانا من النعيم الحسي والمعنوي؛ لا يُعد ولا يُحصى !!
ولا شك ولا ريب أن خلو الجنة من وسوسة وهمز ولمز الشياطين لهو لون من ألوان النعيم المعنوي العظيم الذي يعيشه أهل الجنة المكرمون !!
فقد بين لنا ربنا تعالى مصير إبليس؛ وأنه جهنم، قال تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، وكذلك هو مصير الشياطين؛ جند إبليس من الجن، قال تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ • وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ} [الشعراء: ٩٤-٩٥] !!
وسواء كان نعيم الجنة حسيا أو معنويا؛ فإنه لا مجال لتذوق نعيمها العظيم -الفائق اللذة- ونحن بعد في هذه الدنيا، غير أن قول الله تعالى: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا ۙ قَالُوا هَٰذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} [البقرة: ٢٥]؛ قد قرّب لنا تذوقنا لنعيم الجنة؛ بما قد نجده من لذة فيما شابهه من نعيم الدنيا .. ولتقريب نعيم خلو الجنة من وسوسة إبليس وجنده أقول وبالله التوفيق:
إن المسلم ليتعجب في هذه الدنيا من طيب حال بعض الصالحين من المسلمين -بما وفقهم الله تعالى له من ذكره؛ قياما وقعودا وعلى جنوبهم، متحصنين من همز ولمز ووسوسة الشيطان بالأذكار الشرعية- يتعجب المسلم من طيب حال هؤلاء الأتقياء، وكيف غدو مسددين في أقوالهم وأفعالهم؛ لا يتخبطهم الشيطان، ولا يميل بهم عن الصراط المستقيم، قال تعالى: {قَالَ هَٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ • إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الحجر: ٤١-٤٢] !!*
*فكيف عساه يكون طيب عيش أهل الجنة؛ وقد قال تعالى عن حالهم فيها: {لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا • إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا}[الواقعة: ٢٥-٢٦] ؟؟!!
أخيرا: وكما ستخلو الجنة من إبليس وجنده من الجن؛ كذلك ستخلو من شياطين الإنس الغاوين؛ الذين لا يقل دورهم في الإفساد والإضلال في هذه الدنيا عن شياطين الجن، وسيكون مأواهم جهنم أجمعون، قال تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا} [مريم: ٦٨] !!
وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم القائل: (اللَّهُمَّ لا عَيْشَ إلَّا عَيْشُ الآخِرَةِ) [متفق عليه]!!
اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!