الحلقة الحادية والعشرون من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!
قال الله تعالى: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت : ٣١]، قال أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} : “ومهما طلبتم من شيء وجدتموه بين أيديكم ضيافة وإنعامًا لكم مِن غفور لذنوبكم، رحيم بكم.” !!
تبين من المقالات السابقة، من سلسلة “الجنة والكعبة” أن من لُطف الله تعالى بعباده المؤمنين أن يسر لهم -في كلامه تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن الجنة- يسر لهم كلمات تُعد مفاتيح للتلذذ بذكر الجنة؛ وما فيها من نعيم؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
نواصل في ذكر الأمثلة على ذلك:
إن قول الله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}؛ مفتاح للتلذذ بما في الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}- إلا استحضار نفسية الفقراء وهم يرون الميسورين في الدنيا؛ تُلبى لهم كثير من رغباتهم وطلباتهم، وهم -أي الفقراء- لا يجدون ما يُسد به رمقهم .. لكنهم يمنون أنفسهم ويحدثونها بدخول جنات النعيم حيث تُلبى طلباتهم مهما كانت؛ مصداقا لقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} !!
ولا شك أن المؤمن سيخطر على باله وهو في الجنة أماني ورغبات غير الأكل والشرب والحور العين، فهذه قد وعد الله تعالى بها الأبرار في جنات النعيم .. المؤمن سيخطر على باله أماني ورغبات لم تنص عليها النصوص الشرعية، دل على ذلك قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}، فهي مشتهيات ورغبات تطرأ عليه في الجنة، فيطلبها من خالقه العظيم القدير !!
وقد ثبت بالنص الشرعي بعض هذه الأمنيات؛ التي يحققها الله تعالى بطريقة إعجازية، من ذلك تمني الولد، قال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة، كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي)[صححه الألباني في صحيح الجامع (٦٦٤٩)] !!
وأخيرا: إن من أعظم أماني أهل الجنة؛ أمنية يبدأ المؤمن بسؤال الله تعالى إياها وهو بعد في هذه الدنيا .. أمنية سألها موسى عليه السلام وهو في الدنيا، قال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي}[الأعراف : ١٤٣]؛ فعلمنا من الآية الكريمة أنها لن تحصل في الدنيا .. وقال عنها صلى الله عليه وسلم: (إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَومَ القِيَامَةِ كما تَرَوْنَ هذا، لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ)[متفق عليه] .. فاللهم نسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك !!
اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!