التأمل المفيد (١٠٦)

الحلقة الثامنة عشرة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!

قال الله تعالى: {لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر : ٢٠] !!

تبين من المقال السابق أن من لُطف الله تعالى بعباده المؤمنين أن يسر لهم -في كلامه تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن الجنة- يسر لهم كلمات تُعد مفاتيح للتلذذ بذكر الجنة؛ وما فيها من نعيم !!
نواصل في ذكر الأمثلة على ذلك:

إذا قال تعالى للمؤمنين: {لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} [الزمر : ٢٠]، فإن كلمة “تَجْرِي” التي ذكرها سبحانه؛ هي مفتاح التلذذ بذكر أنهار الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}- إلا استحضار جمال منظر جريان الأنهار، ثم يقول في نفسه: فكيف بأنهار من ماء ولبن وخمر وعسل؛ تجري من تحت الغرف المبنية في جنات النعيم ؟؟!!

وإذا قال تعالى للمؤمنين: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الصف : ١٢]، فإن كلمة “طَيِّبَةً” التي ذكرها سبحانه؛ هي مفتاح البهجة والفرحة والسعادة بذكر مساكن الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ}- إلا استحضار البهجة والراحة النفسية والرضا بمساكن الدنيا؛ إذا بُنيت بناء متينا وجميلا، ثم يقول في نفسه: فكيف بمساكن طيبة خلقها خالق هذا الكون بيده سبحانه؛ في جنات النعيم ؟؟!!

وقد ثبت في الأثر الصحيح موقوفا أن الله تعالى خلق أربعة أشياء عظيمة بيده: (خلق الله أربعة أشياء بيده: العرش، والقلم، وآدم، وجنة عدن، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان) [صحح إسناده الألباني في مختصر العلو (١٠٥)] !!

وإذا قال صلى الله عليه وسلم: (إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوات ما سمعها أحد قط) [صححه الألباني في صحيح الجامع (١٥٦١)]، فإن كلمة “ليغنين” التي ذكرها صلى الله عليه وسلم؛ هي مفتاح التلذذ بذكر نساء الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!*
وما على المؤمن -وهو يقرأ الحديث الشريف: (إن أزواج أهل الجنة ليغنين)- إلا استحضار رِقة وجمال أصوات النساء في هذه الدنيا -التي من شدة رِقتها وجمالها أمر الله تعالى النساء ألا يخضعن بالقول- ثم يقول في نفسه: فكيف بأصوات الحور في جنة الخلد ؟؟!!

وأخيرا: هكذا هي جنات النعيم؛ تشتاق لها نفوس المؤمنين عند تلاوة آيات الكتاب الكريم؛ وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم؛ بتأن وتمهل وتدبر !!

اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!