التأمل المفيد (٩٤)

الحلقة السادسة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!

قال الله تعالى: {وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت : ٦٤] !!

حينما بين الله تعالى أن حياة الجنة هي الحياة الحقيقية؛  سمى سبحانه الحياة الدنيا لهوا ولعبا، ذلك أن كل أمر يبدو هزيلا وَلَهْوا ولعبا إذا ما قارناه بالشيء الصحيح المتميز من جنسه (كمقارنة سيارة قوية ذات متانة بأخرى من أردأ السيارات، فنقول: هذه السيارة الحقيقية) .. فهذه الدنيا مقارنة بنعيم الجنة الحقيقي الخالد؛ تبدو وكأنها لعب وَلَهْو !!

والبعض منا لو نزل ببلد لم يسبق له زيارته من قبل؛ لغمره شعور جميل بالمكان الجديد الذي يود استكشافه والاستمتاع فيه !! لذا فإن أول ما أحلق فيه بخيالي مع هذا النص القرآني العظيم عن الجنة: هو أننا هناك سنأخذ في الاستمتاع بحياة وحراك وأناس، وذهاب وإياب، وحديث وتسامر، وأكل وشرب، حيث تحفنا الحدائق الغناء، والأنهار الجارية .. نحن في حياة بلون وطعم لا يماثلها شيء ممّا مر علينا في الحياة الدنيا القصيرة !!

حياة يطيب فيها الحديث والتسامر بين أهل الجنة حول ما كانوا يقولون عن ربهم في الدنيا ؛ شوقا لجنات النعيم وخوفا من عذاب الجحيم، قال تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ • قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ • فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ • إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ ۖ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}[الطور : ٢٥ – ٢٨]  .. يقول بعضهم لبعض: فزنا ورب الكعبة، وأدخلنا الله تعالى جنته !! الحمد لله رب العالمين !!

ثم ما هذه الغرف المبنية بصنعتها الربانية التي تجري من تحتها الأنهار، قال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [العنكبوت : ٥٨] .. وهذه الخيام العظيمة، قال تعالى: {حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [الرحمن : ٧٢] !!

ستجد الفرق في تلك الحياة الجديدة -حتى عند طلبك للفاكهة في الجنان، لعلم الله تعالى بحب الإنسان للفاكهة، وأنها من ألذ أطعمته في الدنيا، قال تعالى: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ} [الدخان : ٥٥]- ستجد الفرق بينها وبين فواكه الدنيا .. لا نظير له .. فعن فاكهة الجنة قال تعالى: {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ • لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة : ٣٢-٣٣] .. ناهيك أن تشابه الفاكهة؛ هنا وهناك؛ في الأسماء فقط، أمّا الطعم فلا يعلم لذته أحد إلا الله تعالى !!

وبهذا الخيال الجميل مع نص قرآني ممّا ورد عن الجنة؛ يلتهب شوقنا إليها من جديد !!

اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!