الحلقة الرابعة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!
سيكون تأملي اليوم في مُتع الجنة الحسية المادية التي أفاض القرآن الكريم والسنة المطهرة في الحديث عنها !! ذلك أن الأمور المادية المحسوسة بحواس الإنسان المختلفة -من بصر وسمع ولمس وشم وتذوق- لها مردود كبير على إشباع شهواته المختلفة، والتلذذ والاستمتاع بها !!
إن مادية الدنيا -مهما حظي بعض الأثرياء فيها من أموال وأراض وزوجات ومأكولات ومشروبات- تعد لا شيء، وصغيرة جدا جدا مقارنة بالحياة المادية في الجنة؛ التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، من أنواع المتع الحسية المادية !!
والقرآن الكريم ينوع بأساليبه المؤثرة في إبراز عظمة المتعة المادية في الجنة، من ذلك بيان حرمان الكفار من اللذة المادية في الآخرة -التي كانوا يشاركون المؤمنين فيها، من أكل وشرب ومنكح وغيرها- لتكون هذه اللذة المادية خالصة للمؤمنين الفائزين بجنة الخلد في الآخرة، ولا يحظى الكفار إلا بجهنم وبئس القرار، قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف : ٣٢] !!
هذا وإن ممّا صد المليارات من الناس عن الدخول في دين الله القويم، هي تلك التعاليم الكنسية المحرفة، والمنتشرة إعلاميا، التي تنكر المُتع المادية في الجنة كشهوة الجنس !! حيث يزعمون أن الحياة في الجنة عبارة عن حياة جسدية نورانية، ليس فيها هذه الأمور الدنيوية، وإنما هي حياة الفرحة والبر بجانب المسيح وأبيه-كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا- ..[ومن استمع أو قرأ عن ضلالهم في هذا الباب يجد الشيء العجاب] .. فبالله من سيقبل على الدخول في دين الله تعالى؛ إن كان قد تسرب إلى ذهنه أن دينا أتباعه بالمليارات -المسيحية- تعد بحياة في الآخرة لا شهوة فيها ولا جماع ؟!! لقد حرم رجال الدين المسيحيون -الرهبان- أنفسهم من شهوة الجنس في هذه الدنيا بتحريم الزواج، ثم أرادوا أن يحرموا غيرهم من هذه الشهوة في الآخرة !!
وعلى عكس هذا التحريف المصادم لفطرة الإنسان، والمصادم لما خلق الله تعالى في البشر من شهوات وغرائز؛ بين الله تعالى في كتابه أن للإنسان غرائز متعددة لا غرابة في الاستمتاع بها وِفق شرع الله تعالى في هذه الدنيا، مع ترغيب بمتع مادية في جنات النعيم تفوق بقدر لا يعلمه إلا الله تعالى كل ملذات الدنيا، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ • قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَٰلِكُمْ ۚ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران : ١٤ – ١٥] !!
اللهم إنَّا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعله) !!