الحلقة الخامسة من سلسلة “حاجة البشرية لأشهر الحج المعلومات”، قال تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [البقرة : ١٩٧] !!
عندما يهلّ هلال شهر شوال من كل عام؛ تحل على البشرية أشهر الحج المعلومات !!
بالأمس هلّ هلال شهر ذي القعدة، ليضاف على جلال أشهر الحج المعلومات؛ حُرمة الأشهر الحُرُم .. وكأنما تُهيأ كل بقاع الأرض لتعزيز النفرة من الحرام وانتهاك الحرمات .. تماما كما هي حال أم القرى؛ التي جعلها الله تعالى حراما طوال العام !!
*ولذلك سيكون حديثي في هذا المقال -بعد توفيق الله تعالى- عن الأمن -الناتج عن تعظيم حرمات الله تعالى- وحاجة الأفراد والمجتمعات إليه .. وكيف جعل الله تعالى أم القرى مثلا أعلى في الأمن !! حتى أن الله تعالى جعل استمرار الحج؛ عملا يأمن بأدائه العالم من قيام الساعة، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى لا يُحج البيت) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2430) !!
لقد جاءت الرسالات السماوية لتحقيق أمن الإنسان بحفظ ضروراته الخمس .. دينه وعقله ونفسه وماله وعرضه .. وقد تلازم حصول الأمن وتحقيقه بالإيمان بالله تعالى وتوحيده، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام : ٨٢] .. والمتأمل في حياة غير المسلمين يتأكد له افتقادهم للأمن حين بدلوا التوحيد بالشرك، فأضاعوا الدين، وأفسدوا العقول !!
أضاعوا أمن حياتهم باستحلال ما حرم الله تعالى من المسكرات والمفترات من جانب، ومن جانب آخر بما بثوه من شبهات وفكر منحرف عن هدى الله تعالى في شتى مناحي الحياة !!
ثم ترتب على هذا الشرود عن منهج الله تعالى استحلال الفاحشة والشذوذ، فأهلكوا النفوس بأمراض لم تكن معروفة من قبل، ولم ينفع معها ما أحرزوه من تقدم طبي كبير .. ومن جهة أخرى أهلكوا الأنفس يوم تركوا القصاص الذي جاء في شريعة الله؛ لردع المجرمين والجناة، بل تفلتوا حتى ممّا تبقى من وصايا دينهم بأن العين بالعين، فضاع بذلك أمن النفوس !!
كما أفسدوا التعاملات المالية بأن جعلوا قانون العرض والطلب شرعتهم في الاقتصاد، حتى لو كان المنتج صناعة أفلام مخلة بالآداب، فما دامت تُدِر مالاَ فهي مشروعة ومقننة .. فتلاشى أمن المال !!
وأخيراً أضاعوا الأعراض بما أعلنوه للعالم من خزي في مجال الجنس، حتى انتكست الفطر بتقنين جريمة الشذوذ التي عاقب الله عليها من ارتكبها من الأمم السابقة بقلب قريتهم عاليها سافلها، وبذلك انتفى أمن الأعراض عند غير المسلمين !!
وقد جعل الله تعالى البلد الحرام بلدا آمنا ليكون بأمنه هدى للعالمين، قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت : ٦٧] .. والأمن في مكة المكرمة على قسمين:
أمن قدري وأمن شرعي .. فالقدري أنه سبحانه أمّنها من دخول الدجال، قال صلى الله عليه وسلم: (ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال، إلا مكة والمدينة) [متفق عليه]، كما أن الأرزاق آمنة فيها، كما قال تعالى: {أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [القصص : ٥٧]، كما حمى سبحانه ساكنيها من الغزاة الظالمين، قال صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: (لا تغزى هذه بعد اليوم أبدا إلى يوم القيامة) !! صححه الألباني [صحيح الترمذي (1611)] !!
أمّا الأمن الشرعي؛ بحفظ ضرورات الإنسان الخمس -دينه وعقله ونفسه وماله وعرضه- فقد ضربت مكة المكرمة له المثل الأعلى بطريقة عجزت البشرية أن تأتي بأنموذج للأمن كما أراد الله تعالى للبلد الحرام .. وسأعرض في الحلقة القادمة من هذه السلسلة -بإذن الله تعالى- النموذج والمثال الأعلى لحفظ الضرورات؛ الذي أراده الله تعالى أن تكون عليه مكة المكرمة !!
اللهم اجعل هذا البلد آمنا !!
نواصل في الحلقة القادمة من هذه السلسة -بإذن الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن أشهر الحج المعلومات !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!