الحلقة السابعة عشرة “الأخيرة” من سلسلة “شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات”، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : ٣١] !!
وفيها أختم بذكر واجب منسي؛ لا يتوب بعض الناس من تركه !! والحقيقة أنه لم يكن هدفي في هذه السلسلة أن أستقصي جميع الواجبات المنسية !! ولكن حسبي أن وفقني الله تعالى لذكر بعضها، ويمكن لنا جميعا أن نتأمل في باقي الواجبات ونرى كيف هي حالنا معها !! فإن كان الواحد منا موفقا في أدائها فليحمد الله تعالى على توفيقه، ويسأله الثبات على الرشد .. وإن كان مقصرا؛ فليتب من تقصيره، وليسأل الله تعالى أن يرزقه الاستقامة على طريق الهدى والرشاد !!
الواجب المنسي في هذه الحلقة الأخيرة: تجاهل البعض لواقع أمتهم المرير، وكأنهم لا يمتون إليه بصلة !! مع أن مآسي المسلمين في هذا العصر قد كثرت؛ تتناقلها وسائل الإعلام القديم والجديد؛ ولا تخفى على أحد!!
إن عدم إحساس بعض المسلمين بواقع أمتهم ذنب جسيم؛ تترفع عنه حتى الحشرات مع بعضها البعض !! فقد خلّد لنا القرآن الكريم قصة تلك النملة الشفيقة على أمتها من النمل؛ حين هرعت تقول كما حكى القرآن الكريم عنها: {حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [النمل : ٨١] !!
أين هؤلاء المقصرون في تقصي ومعرفة أحوال إخوانهم من المستضعفين في الأرض ونصرتهم ولو بالدعاء ؟؟!! أين هم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم : “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” ؟؟!! [متفق عليه] .. قال أيوب السختياني رحمه الله تعالى: “إذا سمعت عن رجل من أهل السنة مات في المشرق فكأني فقدت أحد أعضائي” !! فكيف وبعض الضعفاء من المسلمين يُقتّلون بالمئات في مشارق الأرض ومغاربها، وأعراض نسائهم تنتهك، وثرواتهم تُسلب وتنهب ؟؟!!
هذا الواجب المنسي -تجاهل البعض لواقع إخوانهم المستضعفين في الأرض- سببه الأكبر؛ بناء العلاقة مع الناس وفق ما تمليه المصالح، حتى لو كانت هذه العلاقة مع أرذل الناس وأسوئهم أخلاقا؛ وليس وفق مراد الله تعالى !! يقول صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله) !! [السلسلة الصحيحة (927)]] !!
وحينما لا تُبنى العلاقة مع الآخرين وفق مراد الله -الحب في الله والبغض في الله، وتُبنى وفق مصالح دنيوية وأهواء شخصية- فإن رياح التفرق والاختلاف تلوح حتى على البيت الواحد من بيوت المسلمين !! فضلا عن مجتمعاتهم !!
ولنا أن نتصور فرحة التائبين من التقصير في معرفة أحوال المستضعفين من المسلمين في الأرض؛ والعودة إلى بناء علاقاتهم مع الآخرين وفق مراد الله تعالى، لا شك أنها ستكون فرحة عظيمة !! وسيندمون على ماضيهم الذي أضاعوه في علاقات مع أناس لا يهمهم سوى مصالحهم الذاتية، وتعود إلى مجتمعات المسلمين عافيتها، وتنهض لإسعاد نفسها وإسعاد غيرها !!
اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!