التأمل المفيد (٧٧)

الحلقة السادسة عشرة من سلسلة “شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات”، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : ٣١] !!

أستمر -بتوفيق الله تعالى- في طرح بعض الواجبات المنسية التي لا يتوب بعض الناس من تركها !!

من الواجبات المنسية: الرغبة في التحصيل العلمي الجاد في المدارس والجامعات؛ عند بعض طلبتنا؛ وانعدامها عند آخرين !! من مظاهر ذلك: الأزمة السنوية المتكررة في فترات الاختبارات النهائية؛ التي يواصل فيها الطلبة الليل بالنهار لاستذكار الكم الهائل من المعلومات؛ التي لم تحفظ من قبل، ولم ترسخ في الأذهان !!

إنه استذكار عند هذا البعض للنجاح فقط !! إذ لا يمكن تحصيل العلم والاستفادة منه في يوم أو يومين !! ولو أن حب العلم وتحصيله والاستفادة منه كان ديدنهم ومبتغاهم؛ لما كانت هناك أزمة في فترات الاختبارات تضيق وتتأزم بها نفوسهم !!

هذا البعض؛ بهذه الهمم العلمية المتدنية أو المعدومة؛ لن يضيفوا شيئا ذا بال لمجتمعاتهم؛ حتى عند نجاحهم !! بل سيكونون عبئا عليها؛ لكونهم يأخذون منها كل شيء مجانا !! وفي المقابل لا تستفيد منهم بعد تخرجهم إلا القليل !!

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر: فأذكر هنا حالة محفزة قصها لي والد طالب؛ محب للعلم جاد في تحصيله، قال إن ابنه تمر عليه أيام وليالي الاختبارات بسهولة ويسر ودون سهر ودون تأزم نفسي !! بل يقول إنه يلعب معه في ليالي الاختبارات تنس الطاولة؛ لثقته -بعد الله تعالى- في نفسه وتحصيله الدراسي المتميز؛ الذي منشؤه حب العلم والرغبة فيه !! وأنا أعرف ابنه شخصيا، فقد أصبح أبرز وألمع طبيب في تخصصه !! وأسأل الله تعالى له مزيدا من التوفيق والسداد والقبول !!

وقد تظافرت النصوص الشرعية على الحث والترغيب في طلب العلم الشرعي؛ وهو أصل العلوم؛ ومن العلم الشرعي ما هو فرض عين على كل مسلم !!

وكذلك تظافرت النصوص الشرعية على أهمية طلب العلم الذي يحتاجه المسلمون كالطب والهندسة وغيرها من العلوم الدنيوية !! إذ لا يُعقل أن يكون كل الناس علماء في العلوم الشرعية !! وليس هنا مكان بسط الأدلة، ولكن حري بدين جعل من إماطة الأذى عن طريق المسلمين صدقة؛ أن يدفع أتباعه دفعا ليكون منهم الطبيب الذي يشفي به الله تعالى مرضى يئنون من آلامهم !! وقل ذلك في باقي العلوم التي يحتاجها المسلمون !!

إننا نهيب بهؤلاء الطلبة المقصرين في حب العلم وتحصيله؛ أن يتوبوا إلى الله تعالى من ذلك، وأن يصححوا مسارهم التعليمي من اللامبالاة إلى الرغبة الجادة؛ حتى يمكنهم تحويل الفشل إلى نجاح !! عليهم أن يضعوا نصب أعينهم أن الأمة تحتاج أن يكون أبناؤها مبدعين جادين؛ يحذوهم الأمل إلى أن يعودوا بها إلى سابق مجدها .. بهذا تصدق توبتهم وتؤتي ثمارها اليانعة على الفرد والمجتمع وعلى الأمة بأكملها !!

اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين !!

نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!