الحلقة الثالثة عشرة من سلسلة “شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات”، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : ٣١] !!
أستمر -بتوفيق الله تعالى- في طرح بعض الواجبات المنسية التي لا يتوب بعض الناس من تركها !!
من الواجبات المنسية عند البعض: عدم العمل على زيادة إيمانه بالله العظيم !! مع أن النصوص الشرعية وجهت إلى وجوب زيادة المؤمن لإيمانه، قال تعالى: {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَٰذِهِ إِيمَانًا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة : ١٢٤]، وقال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ} [النساء : ١٣٦]، قال أهل التفسير: “يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه داوموا على ما أنتم عليه من التصديق الجازم بالله تعالى وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم” !!
وقد صار من مظاهر عدم زيادة الإيمان لدى البعض أن يمر على عظيم آيات الله فلا يتفكر فيها !! فلا يتفكر في خلق السماوات والأرض !! ولا يتفكر في عظيم ما يخرج من الأرض من زرع، ولا فيما ينزل من السماء من ماء !! ولا يتفكر في نفسه، ولا فيما سخر له الله تعالى من بهيمة الأنعام؛ لهم فيها ركوبهم ومنها يأكلون!!
وسأقتصر الحديث في هذا المقال القصير على بيان حقيقة واحدة عظيمة: أن زيادة الإيمان بالله العظيم هي المقصد الأعظم من نزول هذا القرآن العظيم !! فكيف يصح ألا يعتني المسلم به عناية فائقة ؟؟!! فآيات القرآن الكريم على اختلاف موضوعاتها؛ إنما هي لزيادة إيمانه !!
فالحديث عن الأمور الغيبية إنما هو لزيادة إيمان المسلم؛ بزيادة معرفته عن الله تعالى وأنه سبحانه عالم الغيب !! والحديث عن عظيم ما خلق الله تعالى إنما هو لزيادة إيمان المسلم؛ بزيادة معرفته عن الله تعالى وأنه سبحانه خالق كل شيء !! والحديث عن الأحكام الشرعية إنما هو لزيادة إيمان المسلم؛ بزيادة معرفته عن الله تعالى وأنه سبحانه الحكيم في كل ما شرع !! والحديث عن ثواب الله تعالى في الدنيا والآخرة إنما هو لزيادة إيمان المسلم؛ بزيادة معرفته عن الله تعالى وأنه تعالى جواد كريم !! وهكذا تجري باقي موضوعات القرآن الكريم في التعريف بالله العظيم؛ ليزداد الذين آمنوا إيمانا مع إيمانهم !!
كذلك أود في هذا المقال القصير بيان: أن كلمة “آية” أو كلمة “آيات” في القرآن الكريم لا تشير فقط إلى الحديث عن الأحكام الشرعية !! لكنها تشير إلى مضمون الآيات القرآنية التي كان يتحدث القرآن عنها في ذلك الموضع !!
فقد يكون الكلام عن عظيم ما خلق الله تعالى كما جاء في صدر سورة الجاثية؛ حيث تحدث عن خلق السماوات والأرض والنَّاس واختلاف الليل والنهار وغيرها، ثم قال تعالى بعد ذلك: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية : ٦]، فكلمة آيات هنا تعني عظيم ما خلق الله تعالى، ولا تعني أحكاما شرعية !!
وقد يكون الكلام عن قصة رسول من الرسل -عليهم السلام- مع قومه كما جاء في قصة طالوت وقتاله لجالوت، ثم قال تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۚ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [البقرة : ٢٥٢]، فكلمة آيات هنا تعني ما فعله الله من نصره لداوُد عليه السلام وهزيمة جَالُوت، ولا تعني احكاما شرعية !!
وقد يكون الكلام عن أحكام شرعية كالطلاق ثم يقول تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ}[البقرة : ٢٣١]، فكلمة آيات هنا تعني أحكام الله في الطلاق !!
ولنا أن نتصور بعد ذلك ضخامة الأثر الإيجابي جراء التوبة من التقصير في العمل على زيادة إيماننا، ومن ثم الإقبال على كتاب ربنا مرتلين له ومتدبرين !! وكم ستدفع زيادة الإيمان لدى المسلم إلى مزيد من العمل الصالح؛ ينفعه وينفع أمته المسلمة !! ثم يكون له ذخرا عند الله تعالى في الآخرة ؟؟!!
اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين !!
نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!