الحلقة العاشرة من سلسلة “شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات”، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : ٣١] !!
استمر -بتوفيق الله تعالى- في طرح بعض الواجبات المنسية التي لا يتوب الناس من تركها، وبعض المنهيات المنسية التي لا يتوب الناس من فعلها !!
لا يتوب كثير من المسلمين من ذنب تجاهل خطر الشيطان وعداوته للإنسان؛ حيث لا يناصبونه العداء بصدق وجدية !! ولا يتحدثون في مجالسهم عن كيده ومكره !! وذلك بالرغم من أمر الله سبحانه وتعالى لنا بعداوته، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر : ٦] .. وقد وفق الله تعالى في كتابة سلسلة عن عدو البشرية الأكبر -الشيطان- ومنهج القرآن الكريم في معرفته ومواجهته.. وهي منشورة في المدونة -مدونة فؤاد قاضي- .. لكنني أسرد هنا بعض ما سطره القرآن الكريم من كيد الشيطان الرجيم للإنسان؛ ممّا يدفع المؤمن لمعاداته لا محالة !!
كيف لا يتخذ البعض الشيطان عدوا وهو أول ما يدعوهم إنما يدعوهم إلى الكفر بالله العظيم، قال تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر : ١٦] ؟؟!!
كيف لا يتخذ البعض الشيطان عدوا وقد علم أن الشيطان عصي لجبار السماوات والأرض، قال تعالى: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ عَصِيًّا} [مريم : ٤٤] ؟؟!! ومن يعلن حب الله تعالى؛ لابد أن يعادي من كان للرحمن عصيا !!
كيف لا يتخذ البعض الشيطان عدوا وهو لا يفتؤ ينسيهم ذكر الله تعالى، قال تعالى: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [المجادلة : ١٩] ؟؟!!
كيف لا يتخذ البعض الشيطان عدوا؛ فلا يتحصنوا منه بالأذكار الشرعية الثابتة !! وهو الذي يقوم بتزيين كل عمل سيء لهم، قال تعالى: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ} [النمل : ٢٤] ؟؟!!
كيف لا يتخذ البعض الشيطان عدوا وقد علموا أن من ضمن مناسك الحج -التي أرى الله تعالى إبراهيم الخليل عليه السلام- رمي الجمار في أيام معدودات؛ وليس في يوم واحد وما يحمله هذا النسك من تذكير للبشرية بعدوهم الأكبر؛ الشيطان الرجيم ؟؟!!
إن نهج الشيطان ودربه مرجوم سنويا في محفل كبير تتناقله وسائل الإعلام في مشارق الأرض ومغاربها !! فكيف يتجاهل البعض عداوته ؟؟!!
الشيطان مع الصغير من ساعة ميلاده يمسُه، إلا عيسى ابن مريم وأمه عليهما السلام، كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بذلك في الحديث المتفق عليه، وفي كل لحظات حياته المحدودة، وعند الممات !! ولذا فمن المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم “… وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت” صححه الألباني [صحيح الجامع (1282)] !! فكيف يتجاهل البعض عداوته ؟؟!!
ما سلِم من كيد الشيطان الرجيم صغير ولا كبير، ولا صحيح ولا مريض، ولا رجل ولا امرأة، ولا صائم ولا قائم، ولا صاحب كبيرة ولا صاحب صغيرة !!
إن تجاهل البعض عداوة الشيطان الرجيم يعد من أكبر الذنوب المنسية لو كان هذا البعض يعقلون !!
ولنا أن نتصور ضخامة الأثر جراء التوبة من ذنب تجاهل عداوة الشيطان، لا شك أنه سيبطل مخططاته لإفساد الأفراد والمجتمعات !! وسيدفع الأمة نحو النهوض والسيادة والريادة؛ على النحو الذى علا به سلفنا الصالح وسادوا وقادوا الأمم !!
اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين !!
نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!