التأمل المفيد (٦٢)

الحلقة الأولى من سلسلة “شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات”، قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور : ٣١] !!

أن يقوم الإنسان بالعمل الصحيح ابتداء، كما قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)حسنه الألباني [صحيح الجامع (1880)]، ثم يصحح الخطأ إذا وقع فيه؛ في أمور دنياه وآخرته، ثم يكون هذا التصحيح من الجميع، كما قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} [النور : ٣١]: هذا هو سر نهوض الأمم، وهو حقيقة مفهوم التوبة الشامل؛ وهو الذي يمارس جزءا منه غير المسلمين اليوم، فنهضوا في دنياهم دون آخرتهم -مع خلو هذا النهوض المادي من السعادة لعدم استسلامهم لمنهج الله تعالى- كما سيأتي بيان أسباب نهضتهم خلال حلقات هذه السلسلة، بعد توفيق الله تعالى !!

لا شك أن ارتباط أي عبادة بالكعبة المشرفة؛ يعني أهمية وثقل تلك العبادة في ميزان الإسلام، فالصلاة مثلا -والتي نتوجه فيها نحو الكعبة خمس مرات في اليوم والليلة- هي الركن الثاني في الإسلام .. والحج -الركن الخامس في الإسلام- هو أيضا مرتبط بالوفود لزيارة البيت الحرام .. والدعاء -الذي هو العبادة- كذلك له نصيب من الكعبة، فقد سن لنا صلى الله عليه وسلم أن نتوجه عند الدعاء إلى الكعبة، كما يسن لنا ونحن في المسجد الحرام أن ندعوا الله تعالى في الملتزم؛ ما بين الباب والحجر الأسود !!

كذلك عبادة التوبة التي يؤديها المسلم في أي مكان في هذه الأرض؛ جعل الله تعالى لها أمرا عظيما في الكعبة: حجرين -الحجر الأسود والركن اليماني- قال فيهما صلى الله عليه وسلم: (إن مسحهما كفارة الخطايا)صححه الألباني [صحيح الترمذي (959)] .. وهذا يعني أن التوبة لها ثقل ومنزلة عالية في الإسلام !!

يقول ابن القيم رحمه الله تعالى عن التوبة: “فالناس قسمان: تائب وظالم ليس إلا، فالتائبون هم العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله، فحفظ حدود الله جزء التوبة، والتوبة هي مجموع هذه الأمور، وإنما سمي تائبا لرجوعه إلى أمر الله من نهيه، وإلى طاعته من معصيته، كما تقدم فإذن التوبة هي حقيقة دين الإسلام، والدين كله داخل في مسمى التوبة وبهذا استحق التائب أن يكون حبيب الله، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإنما يحب الله من فعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه”[مدارج السالكين ج1 ص313-314] !!

اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين !!

نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن شمولية التوبة وأثرها الكبير في نهضة الأفراد والمجتمعات !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!