الحلقة الثامنة عشرة من سلسلة “علوم الإدارة والإسلام”، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : ١٠٥] !!
استمر -بعون الله وتوفيقه- في عرض لبعض المشكلات وحلولها في علم الإدارة الإسلامي !!
ثالثا: المشكلات التي تقع بين مجموعات من الناس !!
لا يزال الاختلاف صفة للبشر لا ينفكون عنها، قال الله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود : ١١٨]، قال أهل التفسير: “ولو شاء ربك لجعل الناس كلهم جماعة واحدة على دين واحد وهو دين الإسلام، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك، فلا يزال الناس مختلفين في أديانهم؛ وذلك مقتضى حكمته” !!
وبسبب هذا الاختلاف بين الناس فقد تتفاقم المشاكل إلى درجة تنشب معها الحروب بين الفئات المختلفة !! ولذا نجد أن خالق البشر سبحانه – العليم بضعف البشر- قد شرع التشريعات التي ترسم للأمة المسلمة منهجها في كيفية إدارة الحروب !!
وأنا لا أريد هنا استقصاء كل ما يطرحه الإسلام من حلول لجميع المشاكل التي تواجه المجموعات البشرية المختلفة، كالمشاكل الفكرية أو التجارية أو السلوكية أو العسكرية، سواء بين فئتين مسلمتين، أو كان الخلاف بين مسلمين وغير مسلمين، غير أني سأقف وقفات مع عظمة التشريعات الإسلامية في إدارة الحرب التي تنشب بين الأمة المسلمة مع غير المسلمين، من ذلك:
قواعد الاشتباك:
اعتنت التشريعات الإسلامية بوضع قواعد الاشتباك في إدارة الحرب، ذلك أن القتال في الإسلام يشكل جملة من أخلاقيات الإسلام العظيمة التي تهدف إلى المحافظة على سلامة وأمن المجتمعات وفق حكمة وعلم خالقها اللطيف الخبير !! ولذا جاءت قواعد الاشتباك التي شرعها الله تعالى لتُدار العمليات القتالية بعلم بالمشاركين في مسرح العمليات، وبحِرَفية تكتنفها الرحمة، قال الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىٰ قَوْمٍا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا • سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا} [النساء : ٩٠-٩١] !!
وقال صلى الله عليه وسلم: (اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا فلا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا) !!
نظرية الردع:
يعلم الحكيم الخبير ما للإعداد في مجال القوة العسكرية-التي تقوم بها الأمة المسلمة طاعة لله تعالى- من ردع لأعدائها، وثنيهم حتى عن التفكير في التطاول عليها، لذا جاء الأمر الرباني بالإعداد لما تستطيعه الأمة من قوة، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال : ٦٠] !!
وقد تسابقت أمم الأرض اليوم إلى الأخذ بنظرية الردع، فأخذوا في بناء ترساناتهم من مختلف أنواع الأسلحة؛ التقليدية والنووية !! وتبقى الأمة المسلمة متفردة بأمر لا يعرفه غيرها، وهو أن جبار السماوات والأرض معها ووليها وناصرها، ما دامت مستمسكة بدينها القويم، مع بذل ما تستطيع من الإعداد والتجهيز العسكري !!
فالحمدلله على نعمة الإسلام .. واللهم ارزقنا الفقه في الدين !!
نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- استعراض باقي أنواع المشكلات وحلولها في علوم الإدارة الإسلامية !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!