الحلقة السادسة عشرة من سلسلة “علوم الإدارة والإسلام”، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : ١٠٥] !!
بعد المقدمة المهمة التي وفق الله تعالى لإبرازها في الحلقة الأخيرة -عن موضوع حلول المشكلات الذي تفرد به علم الإدارة الإسلامي- أعرض في هذه الحلقة -بعون الله وتوفيقه- بعض هذه المشكلات وحلولها !!
أولا: المشاكل الخاصة بالفرد المسلم مع نفسه !!
لا أريد هنا استقصاء كل ما يطرحه الإسلام من حلول لمشاكل تواجه الفرد المسلم، كالغضب والقلق والخوف وقلة الصبر وغيرها، ممّا يعتري الفرد من المشاكل؛ التي تؤثر سلبا على أدائه وإنتاجه في مجال عمله !!
غير أني أقف مع مشكلة واحدة أرقت وأتعبت الكثير لإيجاد حل جذري لها، وهي مشكلة عدم قيام الشخص بأداء عمله المطلوب منه خلال ساعات الدوام التي تعاقد عليها مع الجهة الموظفة له، مقابل ما يتقاضاه من مكافأة مالية !!
والغريب أن يتصور البعض أن الحل لهذه المشكلة هو وضع كاميرات المراقبة؛ التي لا يمكنها مهما كثرت منع إضاعة الموظف لوقته، حتى لو كان متواجدا في مقر عمله !!
أمّا في الإدارة الإسلامية؛ فإن المسلم -بسبب صفة الإخلاص العظيمة- يرى أن الرقيب عليه ليس الكاميرات !! بل الرقيب عليه هو خالقه سبحانه الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور !! فأنى له -وحاله كذلك- أن يفكر في إضاعة وقت عمله في أمور لا علاقة لها بالعمل !!
وليس غريبا أن تعتني الأمة المسلمة بتقوية صلة أفرادها بالله تعالى منذ الصغر -في المدارس ثم الجامعات- حتى تضمن أن تدفع لسوق العمل موظفين؛ حملة لصفة الإخلاص سواء بسواء مع حملهم لشهادة تخصصهم الدراسي النافع !!
وقد سطر أفراد الأمة المسلمة -بسبب الإخلاص لله تعالى- مآثر خالدة في تاريخ أمتنا العظيمة، من ذلك هذه القصة:
حصار حاصره المسلمون للروم، وطال هذا الحصار، واشتد الانتظار على المسلمين ، وأحرقتهم سهام العدو، فعمد رجلٌ من المسلمين سراً إلى ناحية من الحصن، فحفر نفقاً ثم دخل منه، فهجم على الباب من الداخل وجعل يضرب في الأعداء حتى فتح الباب ودخل المسلمون، واختفى ذلك الرجل فلم يعرفه أحد -اختفى لشدة إخلاصه- فصار قائد المسلمين – مَسلمَة – يقول ويستحلف الناس: سألتكم بالله أن يخرج إلي صاحب النفق، فلما كان الليل جاء رجل فاستأذن على حارس مسلمة، فقال الحارس من هذا ؟ قال: رجل يدلكم على صاحب النفق، فاذهب إلى صاحبك – يعني مسلمة – وأخبره وقل له يشترط عليك شرطاً، وهو ألا تبحث عنه بعد ذلك اليوم أبداً، ولا تطلب رؤيته بعده ولا الكلام معه أبداً، فقال مَسْلمَة: لهُ شَرطُه فأخبروني عنه من هو ؟ فدخل الرجل – نفسه – وقال أنا هو.. وليَ ما اشترطتُ، لا تسألني .. لا تبحث عني .. لا تَدْعُني إلى مجلسك .. فاختفى بين الجند . فكان مسلمة بعد ذلك يقول : ” اللهم احشرني مع صاحب النفق ” [مختصر تاريخ دمشق (7/273)] !!
نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- استعراض باقي أنواع المشكلات وحلولها في علوم الإدارة الإسلامية !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!