التأمل المفيد (٥٦)

الحلقة الخامسة عشرة من سلسلة “علوم الإدارة والإسلام”، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : ١٠٥] !!

مما تفرد به علم الإدارة في الإسلام: العناية بحلول المشكلات الفردية للأفراد، أو مشكلات الفرد مع غيره، أو المشكلات التي تقع بين مجموعات من الناس، أو لمشكلات الفرد مع بيئته !!

قبل التطرق إلى أنواع المشكلات الآنفة الذكر، وكيف عرض الإسلام حلولها؛ أود أن أشير إلى أمر مهم؛ وهو أن كون المسلمين جعلوا شريعة الله تعالى منهجا لحياتهم؛ فإنهم قد نفوا وسدوا بذلك أكبر مسبب للمشكلات؛ وهو تشريع الإنسان لنفسه !! ذلك أن الشريعة الإسلامية تنزيل من العليم الحكيم؛ الذي خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه في دنياه وآخرته، قال الله تعالى مبينا أحقيته للتشريع سبحانه؛ لأنه هو الخالق: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف : ٥٤] !! وكل العقلاء يؤمنون بهذا المنطق السوي؛ هو أن من خلق الإنسان وسوّاه؛ هو سبحانه الذي يستحق أن يأمره وينهاه !!

وإن نظرة سريعة للظاهرة التي يعيشها غير المسلمين من مشاكل لا حصر لها في كافة مجالات الحياة -بسبب تمردهم على الله تعالى، ونبذهم لمنهجه القويم- ممّا أدى إلى مقاضاة بعضهم بعضا قي قضايا لا حصر لها، وفي محاكم لا حصر لها كذلك، حتى ألف المؤلفون المقالات والكتب في ذلك؛ يتساءلون عن: ما هي أسباب كثرة المحامين في بلدانهم؛ حيث أصبحت كثرة المحامين ظاهرة صارخة لديهم ؟؟!!

كما ترتب على تمرد غير المسلمين على منهج ربهم وخالقهم سبحانه؛ وجعل حق التشريع لديهم؛ أن تضاعفت قوانينهم وتشريعاتهم لأنفسهم؛ بسبب كثرة المشكلات الناتجة من قوانينهم الوضعية !! فأصبحت القوانين -القاصرة وغير الربانية- سببا في بروز المشاكل ومن ثم حلول هذه المشاكل لا يكون إلا بقوانين جديدة، وهكذا دواليك !! ومن الأمثلة على ذلك: للولد أو البنت أن يشتكيا والديهما أو أحدهما إذا قاما بتأديب أطفالهما !! وقد تصل عقوبة ذلك في النهاية إلى السجن للوالدين أو أحدهما !! ثم ينتج عن ترك الأبناء بدون تأديب مشاكل تئن منها مجتمعاتهم البعيدة عن منهج الله تعالى، من أنواع الجرائم المختلفة !!

والعجيب أن الإسلام العظيم ومنهجه القويم أحكامه قليلة لكنها قويمة؛ مقابل آلاف آلاف القوانين التي شرعها غير المسلمين لأنفسهم، والتي لا تزال في تزايد مطرد !!

آيات القرآن الكريم ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية، لا تزيد آيات الأحكام فيها عن نيف ومائتي آية !!

إن رقابة الله تعالى في النفوس المؤمنة مع شريعة الله تعالى المحكمة؛ عملتا على سد باب المشاكل !! وتبقى في مجتمعات المسلمين شيء من المشاكل الناتجة عن ضعف في الالتزام بأحكام الله تعالى، ومن الضعف البشري !! ولذا قدّم الإسلام حلوله للمشكلات الفردية للأفراد، أو مشكلات الفرد مع غيره، أو المشكلات التي تقع بين مجموعات من الناس، أو لمشكلات الفرد مع بيئته !!

نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- استعراضا لأنواع المشكلات وحلولها في علوم الإدارة الإسلامية !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!