التأمل المفيد (٤٩)

الحلقة الثامنة من سلسلة “علوم الإدارة والإسلام”، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : ١٠٥] !!

مما تفرد به علم الإدارة في الإسلام: تشريع نظام للوقاية؛ يحفظ للفرد والمجتمعات ضرورات لا تقوم حياة الإنسان السوية إلا بها !!

وقد قصُر علم الإدارة لدى غير المسلمين في إبراز أهمية حفظ هذه الضرورات قصورا فاحشا، فجاءوا بنظام لا يرقى إلى عُشر معشار ما جاء به الإسلام، وأسموه بتعليمات واحتياطات السلامة !! حيث لا يمس نظام احتياطات السلامة سوى جزء من إحدى الضرورات الخمس التي جاء الإسلام لحفظها؛ وهو حفظ النفس !!

إن هذا النظام الرباني الوقائي للبشرية يجلب للأفراد وللمجتمعات ومؤسساتها الأمن، ويوقف إزهاق الأنفس، كما يوقف هدر الأموال والأوقات !! وهو نظام قائم على ما شرّعه العليم الحكيم من تشريعات؛ تحفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض !!

وعلى القارئ الكريم عند طرح هذا الموضوع: أن يستحضر في ذهنه بعض البدهيات التي تحصل بها القناعة؛ أن ما جاء به الإسلام من حفظ للضرورات الخمس -الدين والنفس والعقل والمال والعرض- هو تدبير إداري راق، بل وسبب رئيس لنجاح العمل !!

من البدهيات: أن أمن الأنفس هو مطلب للأفراد والمجتمعات .. وحينما افتقدت مؤسسات وشركات غير المسلمين التشريعات الربانية التي تحقق لهم الأمن؛ حاولوا الاستعاضة عن ذلك بألوان من تقنيات المراقبة، علهم بذلك يجلبوا شيئا من الأمن لبيئات عملهم !! وإذا كان الأمر كذلك فإنه يحق لنا أن نسأل: أليس حفظ الضرورات بالتشريعات الربانية المحكمة الشاملة لردع العابثين بموارد المؤسسة هو تدبير إداري راق، بل وسبب رئيس لنجاح العمل ؟؟!!

ومن البدهيات: أن عدم هدر الأموال هو من أسس الجودة التي تحاول كل المؤسسات تطبيقها والارتقاء بها !! وإذا كان الأمر كذلك فإنه يحق لنا أن نسأل: أليس حفظ الضرورات بالتشريعات الربانية المحكمة الشاملة التي تحرم هدر المال بالطرق الحرام؛ تدبير إداري راق، بل وسبب رئيس لنجاح العمل ؟؟!!

ومن البدهيات: أن حفظ العقل بالبعد عن شرب المسكرات في بيئة العمل مطلب تعمل به كل المؤسسات، بل وحتى التدخين صار ممنوعا لديهم، سوى في الأماكن المصرح بها !! وإذا كان الأمر كذلك فإنه يحق لنا أن نسأل: أليس حفظ الضرورات بالتشريعات الربانية المحكمة الشاملة التي تحرم شرب المسكرات في العمل وخارجه، وتحرم كل خبيث يتلف العقل؛ تدبير إداري راق، بل وسبب رئيس لنجاح العمل ؟؟!!

ومن البدهيات: أن حفظ العرض في بيئة العمل من الإثارة الجنسية مطلب ملح لدى العقلاء في المؤسسات في الشرق أو الغرب !! غير أن غير المسلمين عجزوا عن إيجاد حل لهذه المشكلة بسبب تمردهم على منهج خالقهم بالتبرج والسفور !! وإذا كان الأمر كذلك فإنه يحق لنا أن نسأل: أليس حفظ الضرورات بالتشريعات الربانية المحكمة الشاملة -ومنها حفظ العرض- التي كرمت المرأة بالحجاب والعفاف والستر أينما كانت؛ تدبير إداري راق، بل وسبب رئيس لنجاح العمل ؟؟!!

وأمّا البدهية التي لا يجاريها في العلو والرفعة بدهية غيرها: هي حفظ دين الإنسان !! وحفظ الدين من عدمه؛ هو الفاصل بين حياة الإنسان حياة سوية؛ وبين موته؛ في نظر الشارع الحكيم، قال تعالى: {أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام : ١٢٢] !! جميع المؤسسات والشركات تود لو أن موظفيها أصحاب قيم ومبادئ صحيحة ثابتة !! وإذا كان الأمر كذلك فإنه يحق لنا أن نسأل: أليس حفظ الضرورات بالتشريعات الربانية المحكمة الشاملة التي تحفظ دين الإنسان وقيمه؛ تدبير إداري راق، بل وسبب رئيس لنجاح العمل ؟؟!!

نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن علوم الإدارة والإسلام !!

اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
 كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!