الحلقة الأولى من سلسلة “علوم الإدارة والإسلام”، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة : ١٠٥] !!
في هذا العصر -الذي حظيت فيه علوم الإدارة النظرية وتطبيقاتها العملية بالرواج والانتشار، وصار نجاح الأفراد والمجتمعات المادي مرهونا بالأخذ بها !! كما صار للتقدم المادي فقط (وليس الأخلاقي) في الغرب؛ الذي ارتكز على النهضة في علوم الإدارة؛ أثرا كبيرا في تعميق حاجة المجتمعات إلى علوم الإدارة وتطبيقاتها- في هذا العصر الذي حصلت فيه هذه الطفرة الكبيرة في علوم الإدارة وتطبيقاتها؛ انبرت جهات متعددة في المجتمعات الإسلامية لتنهل من منتجات الفكر الإداري الغربي الوليد .. ترجمة لكتب الإدارة الأكثر رواجا، وتأسيسا لمعاهد ومراكز تدريبية تقوم على محاكاة كبار المدربين في مجال علوم الإدارة الواسع الكبير !!
وأول ما أحب أن ألفت نظر القارئ الكريم إليه في هذه السلسلة هو جواب على سؤال قد يطرأ على فكر كل إنسان مسلم، وهو: كيف اعتنى الإسلام بعلوم الإدارة، وكيف طرحها لأتباعه ؟
والجواب يأتي من التنوع الكبير في سلوكيات الإنسان: إن الإدارة في الإسلام تمثلت في التطبيق الأمثل للرسول صلى الله عليه وسلم لكل ما أوحي إليه من ربه العليم الحكيم !! أي أن كل عمل فردي أو جماعي قام به صلى الله عليه وسلم إنما قام به بأكمل وأفضل إدارة عرفتها البشرية خلال تاريخها الطويل !! ومن ثم يفوز المسلم بمحاكاة النبي صلى الله عليه وسلم والتأسي به بسعادتي الدنيا والآخرة !!
هذا التنوع في سلوك الإنسان هو الذي دفع بمنظري الإدارة من الغربيين في هذا العصر إلى أن يخرجوا عن الكتابة في فنون القيادة فقط؛ إلى الكتابة عن الإدارة بالقيم مثلا !! ولكن أنى لهم أن يكتبوا بشمولية الإسلام التي غطت كل سلوكيات الإنسان الموصل إلى الفلاح في الدارين ؟؟!!
لقد كان بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم؛ الأسوة والقدوة العظمى في كل سلوك بشري موصل إلى الفلاح والنجاح !!
فهو القدوة صلى الله عليه وسلم في إحداث التغيير الحضاري الكبير؛ الذي أبرز للإنسانية خير المجتمعات على الإطلاق !! وللغرب كُتب كثيرة في إحداث التغيير في المؤسسات؛ ما بلغت معشار ما قام به صلى الله عليه وسلم من نجاح في عمليات التغيير التي طالت كل مؤسسات المجتمع؛ الأسرة وما فوقها من مؤسسات ذلك المجتمع الفريد العظيم !!
وهو القدوة صلى الله عليه وسلم في إدارة ورعاية المؤسسات العظيمة بعد أن تم له صلى الله عليه وسلم التغيير فيها، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ ومَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، -قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ: وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ- وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)[متفق عليه] !!
والأمثلة تحتاج إلى مجلدات في سرد كل ما قام به صلى الله عليه وسلم خلال ثلاثة وعشرين سنة من تطبيق لتوجيهات ربه العليم الحكيم !! لكنه أجملها واختصرها لنا في قوله:(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه)حسنه الألباني [صحيح الجامع (1880)] !!
وأخيرا: قد تتفتق عقول البشر عن ممارسات إدارية صحيحة في كل عصر وزمان -ولا بأس بالاستفادة منها ما دامت لا تصادم الشرع الحنيف- ويبقى التطبيق الأمثل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوحي إليه من ربه؛ المرجع العظيم والآمن لسلوك الأفراد والمجتمعات، الموصل إلى النجاح في الدنيا والآخرة !!
كما أننا لا نحتاج إلى ترويج مصطلح (أسلمة الإدارة) وكأن فنون الإدارة علم جاء به الغرب؛ لا يعرفه المسلمون ؟؟!!*
نحن أول ما نحتاج إليه؛ صدق الرجوع إلى الكتاب والسنة لنغترف من كنوزهما، إذا أردنا الفلاح والنجاح في الدنيا؛ ويوم يقوم الأشهاد !!
نواصل في الحلقة القادمة -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- الحديث عن علوم الإدارة والإسلام !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!