الحلقة الأولى من سلسلة “الشيطان العدو الأكبر”، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر : ٦] !!
أنشأت الدول مراكز دراسات لكل ما يُتصور أنه قد يخل بأمنها !! ما عدا العدو الأكبر للبشرية، لم تعره ولا حتى جزءاً مما بينه الله تعالى عن عداوته الأزلية للبشرية، وعن المنهج الرباني لمواجهته !!
أقوى الناس صلة بالله تعالى -الأنبياء عليهم الصلاة والسلام- لا يفتأون يذكرون خطره على أمن الفرد والمجتمع، قال موسى عليه السلام عن هذا العدو الأكبر: {إنه عدو مضل مبين}[القصص : ١٥] !!
عدو أقسم بخالقه تعالى فقال: (وعزتك وجلالك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم) حسنه الألباني [صحيح الجامع 1650] .. يكيد للبشرية منذ آلاف السنين، وإلى يوم يبعثون .. تراكمت لديه خبرات الإغواء، ووسائل إشعال الفتن والحروب، حتى حلت ضروب الفساد في البلد الواحد، ما كان مفرقا في غابر الزمان على جمع من البلدان !!
حزب إبليس جيش جرّار، يزيد تعداده على سبعة مليارات من الجن .. ذلك أن لكل إنسان قرينه .. يتبرأ كل منهم يوم القيامة من إضلال صاحبه : {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ق : ٢٧]، تماما كما سيتبرأ قائدهم إبليس من إضلال الناس يوم القيامة، في خطبته التي سطرها لنا القرآن الكريم في سورة إبراهيم عليه السلام، حتى نحذره ونعاديه !! أضف على هذا الجيش الجرار من الجن، أتباع إبليس من أبالسة الإنس !!
عدو ؛ لديه ولجنوده من الحماس والإصرار ما لا يتصوره عقل بشر .. حماس وإصرار يدفعانه للعمل على إضلال جميع الفئات، في كل الأوقات، وعلى كافة المستويات، فهو مع الصغير من ساعة ميلاده يمسّه، وفي كل لحظات حياته المحدودة، وعند الممات، ولذا فمن المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (… وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت)صححه الألباني [صحيح الجامع 1282] .. يبدأ بالمكر بالإنسان منذ استيقاظه، وفي أحلامه خلال نومه، ومع دخوله وخروجه، وأكله وشربه ومضاجعته لأهله .. ما سلِم منه صغير ولا كبير، ولا صحيح ولا مريض، ولا رجل ولا امرأة، ولا صائم ولا قائم !!
إن أسلوب المنهج الرباني، في مواجهة العدو الأكبر -الشيطان- يختلف عن أسلوبنا الضعيف كُلية، مما جعله يعلو وينتصر ويأخذ النصيب الأكبر من البشرية معه إلى النار، إذ يوم القيامة،حينما يأمر الله تعالى آدم عليه السلام أن يخرج من ذريته بعث النار، فيخرج من كل ألف تسعمائة وتسعا وتسعين في النار، وواحدا في الجنة !! ونحمد الله تعالى أن جعل أمة محمد عليه الصلاة والسلام أكثر من نصف أهل الجنة كما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على خيرية هذه الأمة !!
المنهج القرآني صريح في الإشارة إلى أن الشيطان وجنده خلف كل انحراف، وأن المواجهة يجب أن تتوجه إليه أولاً قبل أي عدو آخر من أتباعه، وِفق المنهج الرباني الذي سيأتي بيانه في مقالات لاحقة بإذنه تعالى:
فمن ذلك عصيانه الصريح للرحمن سبحانه وتعالى !!
وكذلك إخراجه لآدم وحواء عليهما السلام من الجنة !!
وقوله الصريح للإنسان اكفر !!
وأنه يريد أن يضلنا ضلالاً بعيدا !!
وأنه استزل الذين تولوا يوم التقى الجمعان !!
ومن ذلك بيان القرآن أن البعض اتخذوه ولياً !!
وبيان أن الشياطين كفروا إذ يعلمون الناس السحر !!
وأنهم يتنزلون على كل أفاك أثيم !!
ومن ذلك وحيهم إلى أوليائهم من المشركين ليجادلوا الذين آمنوا !!
ومن ذلك أنه يستحوذ على الإنسان وينسيه ذكر الله !!
ومن عمله وكز موسى عليه السلام للرجل فقتله !!
وأنه يأمر بالفحشاء والمنكر !!
وأنه يقود الذي ينسلخ من آيات الله فيغويه !!
ومن ذلك التحريش بين المؤمنين !!
وتزيينه للخمر والميسر والأنصاب والأزلام !!
وتزيينه أعمال الأمم من قبلنا وصدهم عن السبيل !!
إن ما مر معنا من عداوة للشيطان, وغيره كثير في كتاب الله تعالى، يؤكد على مفهوم مهم، وهو أن الحيز الذي يشغله الشيطان من تفكيرنا واهتمامنا في عداوتنا له، يجب أن يكون كبيراً، يتناسب مع حجم مكره وهمزه ولمزه ووسوسته، هو والمليارات المتزايدة من جنده، وحاشاه سبحانه أن تكون هذه الآيات التي تحذر من خطورة الشيطان، أُنزلت للتلاوة والبركة فقط !!
اللهم إنَّا نعوذ بك من الشيطان وحزبه !!
اللهم ارزقنا التفكر في آياتك ..
نواصل الحديث -بعون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..
انشر .. لعلنا ننتفع جميعا ونؤجر .. قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه) !!