التأمل المفيد (٢١٧)
الحلقة السابعة عشرة من سلسلة الجنة والكعبة .. وتذكير الحجر الأسود لنا بالجنة -كونه منها- مرات عديدة يوميا؛ كلما اتجهنا إلى القبلة؛ في صلاة وغيرها مما شرع لنا ربنا استقبال القبلة له !!!
قال الله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ} [ص : ٥٠] !!
لا تخلو عبادة نؤديها إلا وذِكر الجنة يعطرها، سواء من كلام ربنا العلي العظيم، أو أحاديث سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم !!
وها هو رمضان يفد علينا؛ ليكون من أعظم بشائره التي بشر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فتح أبواب الجنان، وغلق أبواب جهنم، قال صلى الله عليه وسلم: (إِذا جَاءَ رَمَضَان، فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجنَّة، وغُلِّقَت أَبْوَابُ النَّار)[رواه البخاري (١٨٩٨)، ومسلم (١٠٧٩)] !!
هذا وإن من لُطف الله تعالى بعباده المؤمنين أن يسر لهم -في كلامه تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم عن الجنة- يسر لهم كلمات تُعد مفاتيح للتلذذ بذكر الجنة؛ وما فيها من نعيم !!
فإذا قال تعالى لهم: {وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ} [الطور : ٢٢]، فإن كلمة “يشتهون” التي ذكرها سبحانه؛ هي مفتاح التلذذ بذكر فاكهة ولحم الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة: {وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}- إلا استحضار تلك الشهية؛ التي يعرفها الواحد منا للطعام في هذه الدنيا، ثم يقول في نفسه: فكيف بفاكهة ولحم الجنة ؟؟!!
وإذا قال تعالى للمؤمنين: {كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان : ٥٤]، فإن كلمتي “بحور عين” اللتين ذكرهما سبحانه؛ هي مفتاح التلذذ بذكر نساء الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة -{كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ}- إلا استحضار تلك الرغبة في النكاح من الحِسان؛ التي يعرفها الواحد منا في هذه الدنيا، ثم يقول في نفسه: فكيف بحور العين في الجنة ؟؟!!
وأمّا الآية الكريمة التي هي موضع التأمل في هذا المقال -قال تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ}- فإن قول ربنا تعالى: {مُّفَتَّحَةً}، وكذلك قول رسوله صلى الله عليه وسلم: (فُتِّحَتْ)، هي مفتاح التلذذ بذكر أبواب الجنة؛ ونحن بعدُ في هذه الدنيا !!
وما على المؤمن -وهو يقرأ الآية الكريمة والحديث الشريف- إلا استحضار البهجة والسرور في النفس؛ التي تحصل له في الدنيا عند فتح أبواب القصور وما تحويه من مبان عظيمة وحدائق غناء وخدم طوافين بأشهى أنواع الطعام والشراب، ثم يقول في نفسه: فكيف بفتح أبواب خلفها جنات النعيم ؟؟!!
بل كيف إذا كان قد جاء في كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على عظيم سعة هذه الأبواب؛ سعة تليق بكبر وسعة جنات النعيم، قال صلى الله عليه وسلم:(وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى) [رواه البخاري (٤٧١٢)، ومسلم (١٩٤)]، قال الطيبي: “المصراعان: البابان المغلقان على منفذ واحد “[شرح الطيبي على مشكاة المصابيح” (11 / 3524) ؟؟!!
والمصراعان في كلامنا اليوم هما الدرفتان للباب الواحد !!
وأخيرا: هكذا هي جنات النعيم؛ تشتاق لها نفوس المؤمنين عند تلاوة آيات الكتاب الكريم؛ وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم؛ بتأن وتمهل وتدبر !!
اللهم أعنا على صيام رمضان وقيامه ..
نواصل الحديث -بعد عون الله تعالى وتوفيقه- في الحلقة القادمة ..
كتبه/ محب الخير لنفسه وللمسلمين والمسلمات .. فؤاد بن علي قاضي .. غفر الله تعالى له ولوالديه وللمسلمين ..